السبت، 21 ديسمبر 2013

ممثل هوليود هاج جاكمان



إذا فتحتَ الإنستجرام هذه الأيام أو التويتر، وتابعتَ حساب ممثل هوليود الأسترالي المشهور هاج جاكمان(Hugh Jackman)، والمعروف ببطولة فيلمه الأخير تحت اسم الولفيرين(The Wolverine)، فستجد صورةً شخصية له في صفحته وفي موقعه في الإنترنت وقد وضع ضَّمادة(لَزْجه) على أنفه. 

فلماذا وضع هذه الصورة بالذات ليراها ملايين الناس من الذين يتابعون أخباره وأحواله بشكلٍ يومي؟

هذه الضَّمادة الملصوقة على أنفه هي لعملية جراحية أُجريت مؤخراً لهذا الممثل لإزالة بُقعٍ سرطانية قد أُصيب بها، حيث إن هذه البقع تُعد من أخطر أنواع سرطان الجلد والمعروف بالـ ميلانوما(melanoma)، وهو في الوقت نفسه من أكثر الأنواع شيوعاً في الكثير من دول العالم، منها الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا.

ففي دراسة حديثة نُشرت في مارس 2012 في مجلة وقائع مايو كلينيك(Mayo Clinic Proceedings)، أكدت أن حالات سرطان الجلد، من نوع ميلانوما قد زادت ستة أضعاف خلال الأربعين سنة الماضية، وبخاصة بين الفئة العمرية من البنات من18 إلى 39، حيث ارتفع 8 أضعاف من 1970 إلى 2009. أما بالنسبة لعامة الأمريكيين، فقد ارتفع معدل الموتى خلال هذه الفترة بين الرجال بنسبة 185% مقارنة بـ 55% للنساء، وعدد الأمريكيين الذين يقضون نَحْبهم بسبب هذا المرض يقدر بنحو 9000 أمريكي سنوياً.

وتُعزى هذه الزيادة المطردة في أعداد المصابين والموتى بسرطان الجلد إلى عاملٍ جديد، وسلوكٍ اجتماعي غريب، وعادةٍ غير صحية غزت المجتمع الأمريكي خاصة، وانتشرت في المجتمعات الغربية والمتحضرة عامة، فأصبحت من علامات الرُقي والتحضر والجمال والتميز عن الآخرين، وهي عملية تغيير لون ومظهر البَشَرة والجلد إلى اللون الذهبي، أو البرونزي، أو البني القاتم قليلاً، وتُطلق على هذه العملية بـ التانينج“.

والغريب في هذا الأمر أن الإنسان يذهب بمحض إرادته، وبرغبةٍ جامحة منه، ليستلقي بكل فرحٍ وسرور تحت مصابيح خاصة تنبعث منها الأشعة فوق البنفسجية، فيُعَرِّض جسمه الضعيف طواعية لجرعات قوية ومركزة من الأشعة فوق البنفسجية وهذه الملوثات الضارة، ويقع فريسة سهلة للمردودات والانعكاسات الصحية الخطرة والمزمنة التي تنكشف عليه بعد حينٍ من الزمن وعلى رأسها مرض سرطان الجلد، بل وأصبحت هناك الآن عشرات الآلاف من صالونات السرطان التي انتشرت في كافة أرجاء المعمورة، وكأنها محلات أساسية ضرورية لبيع المنتجات الغذائية والسلع الأساسية التي لا يستغني عنها الإنسان ويحتاج إليها بشكلٍ يومي، وكل ذلك بسبب ازدياد الطلب على هذه الصالونات وارتفاع أعداد الناس الذين يريدون تبديل لون بشرتهم وجلدهم ليكونوا أكثر جمالاً وجاذبية ومواكبةً مع تطورات الموضة والحداثة. وعند بعض الناس وصل إلى درجةِ ”الهوس والإدمان“ وعدم القدرة على الاستغناء عن عملية التانينج، بحيث إنهم اشتروا أسرة التانينج الشخصية والمصابيح الخاصة بذلك، ووضعوها في منازلهم.

فهذه المستجدات الصحية والبيئية والاجتماعية فرضت نفسها على المعنيين بالصحة العامة، فاضطروا إلى مواجهة هذه المشكلة والعادة السيئة التي تهدد صحة الناس من خلال وضع تشريعات وأنظمة خاصة تتعامل مع هذه القضية وتقنن استخدام أسرة ومصابيح التانينج. ففي هذا الإطار،صرح رئيس إدارة الغذاء والدواء الأمريكي في مايو 2013 قائلاً:”إن استخدام أسرة التانينج الداخلية تدمر الجلد، وتزيد من احتمال الإصابة بسرطان الجلد“، ولذلك قامت هذه الإدارة بوضع قانونٍ جديد يفرض وضع علامات تحذيرية تفيد بأن عملية التانينج لا تصلح للذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، كما قامت 33 ولاية أمريكية بتحديد أعمار المواطنين الذين يسمح لهم بالقيام بهذه العملية، وأقر مجلس حكومة ولاية تكساس بمنع وحظر استخدام الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 18لعملية التانينج.

ومن هذا المنطلق فإنني أدعو الجهات الحكومية في البحرين والمعنية بصالونات التانينج ضرورة دراسة هذه القضية الصحية البيئية ووضع الأنظمة والضوابط المناسبة لها حفاظاً على الصحة العامة ووقاية للمواطنين من الوقوع في شر الإصابة بسرطان الجلد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق