الأحد، 23 مارس 2014

طائرة بدون طيار للتجسس على المصانع


بلغت شدة التلوث في بعض المدن الصينية إلى درجةٍ لا تُحتمل ولا تُطاق حسب اعترافات أحد مستشاري الحكومة الصينية، وقد وصل التلوث ذروته، وبلغ هذا المدى الخطير الذي هدد الصحة العامة وعَرْقل عملية النمو في الصين بسبب الإهمال المتعمد للبيئة وثرواتها الحية وغير الحية والتجاهل التام لأمنها الصحي وسلامتها لأكثر من ستين عاماً.

 

فالتركيز الأحادي الجانب على النمو الاقتصادي البحت ووضع كل موارد البيئة وثرواتها تحت التصرف الكامل لهذا النمو، أدى إلى وقوع هذا التطرف الشديد والتدهور الكبير في حالة البيئة، كما أدى إلى ظهور أمراضٍ غريبة ومزمنة بين أفراد المجتمع الصيني، منها انكشاف ظاهرة عامة غريبة على المجتمع الدولي، وهي وجود أكثر من 500 قرية سرطانية، حيث ترتفع في هذه القرى المنكوبة أعداد المصابين بالسرطان بدرجة ملحوظة مقارنة بالقرى والمدن الصينية الأخرى.

 

ونظراً لهذا الوضع البيئي والصحي الخطيرين الذي أصاب الصين، أعلن رئيس الوزراء مؤخراً "الحرب على التلوث"، واضطرت الحكومة الصينية الآن ممثلة في جهاز البيئة إلى اتخاذ إجراءات غريبة غير تقليدية وغير مسبوقة في المجال البيئي، ولم نشهدها من قبل لمواجهة غزو التلوث لأجواء الصين الهوائية وذلك من خلال استخدام الأساليب والأجهزة والمعدات التي تُستعمل عادةً عند شن الحروب واحتدام المعارك بين الجيوش، وبالتحديد أجهزة المخابرات الأمنية من أجل التجسس على المصانع، وجمع المعلومات عن التلوث المنبعث منها، ومن هذه الأجهزة التجسسية تصميم طائراتٍ خاصة بدون طيار، كُلفة الواحد منها قرابة مليون دولار، للقيام بهذه المهمة البيئية الشاقة، والتحليق فوق المصانع ومحطات توليد الكهرباء في المدن الصينية للبحث والتفتيش عن هذه المصادر للتلوث، وقياس درجة وتركيز الملوثات، إضافة إلى جمع الأدلة المادية المحسوسة من خلال التقاط الصور الفوتوغرافية لتثبيت التهمة على الجهات المخالفة لأنظمة التلوث البيئي، ثم محاكمتها.

 

ومن الإجراءات الأخرى التي تبنتها الحكومة الصينية لمكافحة التلوث، وبخاصة تلوث الهواء، والتصدي للضباب القاتل الذي يضرب مدن الصين بين الحين والآخر، هي إحداث تغييرات جذرية وشاملة في سياسة الطاقة الصينية من حيث تنويع مصادر الطاقة وأنواع الوقود المستخدمة لتوليد الكهرباء وتشغيل الأفران الصناعية والمحركات، والتوجه مستقبلاً نحو مصادر الطاقة البديلة والمتجددة والنظيفة.

 

فمن المعلوم أن الصين تعتمد بشكلٍ كبير على الفحم كمصدر رئيس لتوليد الكهرباء، وكما يعلم الجميع أن الفحم يعتبر من أشد أنواع الوقود تلويثاً للهواء الجوي، فهناك الكثير من الملوثات السامة والمسرطنة التي تنبعث عن حرق الفحم، مثل الجسيمات الدقيقة، وأكاسيد النيتروجين، وأكاسيد الكبريت، وهذه الملوثات هي التي تُكَوِّن ظاهرة الضباب الضوئي الكيميائي، أو الضباب القاتل الذي لا يَخْفى على أي إنسان يعيش في المدن الصينية العريقة المكتظة بالسيارات والمصانع. وعلاوة على هذا، فإن حرق الفحم ينجم عنه غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو المتهم الرئيس في رفع درجة حرارة الكرة الأرضية وإحداث التغير المناخي، والصين كغيرها من دول العالم ملتزمة بخفض انبعاثاتها من هذا الغاز وعليها يقع العبء الكبير في هذه القضية، فهي تُعد ثاني دولة في العالم من حيث حجم انبعاثاتها للغازات المسئولة عن التغير المناخي.

 

ولذلك اضطرت الصين إلى التوجه نحو البديل عن الفحم، مثل الطاقة النووية، حيث تعمل الآن على إنشاء أول محطة نووية للطاقة على المستوى الدولي تعمل بوقود عنصر الثوريم بدلاً من اليورانيوم.

 

ومن حسن الحظ أننا في البحرين نعتمد على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء وتشغيل الأفران المنزلية والصناعية، ومن المعلوم أن الغاز الطبيعي يعتبر نسبياً أنظف من الناحية البيئية من أنواع الوقود الأخرى كالفحم والديزل وغيرهما، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نبحث عن بدائل أخرى أكثر جدوى من الناحية البيئية، وأقل ضرراً لصحة الإنسان، مثل أنواع الطاقة البديلة والمتجددة والنظيفة وعلى رأسها الطاقة الشمسية.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق