الخميس، 6 مارس 2014

دعايات السجائر تُعود بمظهرٍ جديد




الترويج للتدخين من خلال الدعايات والإعلانات للسجائر بمختلف أنواعها وأشكالها تعود إلى الواجهة مرةً ثانية من جديد بثوبٍ منمقٍ وحديثْ، بعد أن غُيِّبَتْ عن الساحة الدولية منذ أكثر من 50 عاماً، ومُنعت بقوة القانون من الظهور في وسائل الإعلام الجماهيرية.

ولكن اليوم وتحت مسمى جديد، وعن طريق منتجٍ حديث المظهر وجذاب، يُلفت الأنظار، وذات صبغةٍ ورؤيةٍ شبابية أنيقة، بدأت شركات التبغ العملاقة بالدخول مجدداً في سوق الدعاية والإعلان لهذا المنتج الذي أَطلقتْ عليه السجائر الإلكترونية.

فقد صممت الشركة البريطانية الأمريكية للتبغ(British American Tobacco (BAT)) التي تُعتبر من أكبر شركات التبغ في أوروبا إعلاناً خاصاً للسجائر الإلكترونية، وصرفت أكثر من ثلاثة ملايين على هذا الإعلان لتتأكد من جودته العالية، وفاعليته الكبيرة، وتأثيره العميق على نفوس وقلوب الجمهور، وبخاصة فئة الشباب وغير المدخنين من الجنسين.

فهذه الدعاية تمثل رجلاً وامرأة يجريان في المدينة أثناء الليل، ثم يتحول مشهد الجري إلى الحركة البطيئة، حيث يلج الاثنان في جدارٍ من البخار أو الضباب الأبيض الناصع المنبعث من السجائر الإلكترونية عند حرق النيكوتين، وبعدها يُنير أمام شاشة العرض شعار الدعاية الذي يقول:"جَرِّبْ هذا الاختراق الجديد"، أي أن هذا الإعلان الذي وُضع في أوقات الذروة في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية ولوحات الشوارع ووسائل الاتصال الاجتماعي، يدعو كافة الجمهور إلى القيام بهذه التجربة الجديدة والفريدة من نوعها في عالم التدخين مع سيجارةٍ جديدة ومنتجٍ حديث يتوافق ويتلاءم مع الحداثة والتطور والتقدم العصري، ويتواكب مع رُقي إنسان القرن الحادي والعشرين.

فهذا الإعلان الذي غزا اليوم وسائل الإعلام، يذكرنا بإعلانات السجائر والتدخين التي سيطرت وهيمنت على وسائل الإعلام في الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، فمَجَّدَتْ ظاهرة التدخين، وأظهرت المدخن بمظهر الحداثة والتقدم، وشجعت الناس على مواكبة هذه الموجة العصرية والقيام بتجربة التدخين.

فما أشبه اليوم بالبارحة، فمقارنة بسيطة بين الإعلانين، القديم والحديث، يؤكد لنا وجه الشبه والتطابق بينهما، فالهدف منهما واحد والغاية واحدة، وهو تشجيع الناس على ممارسة عادة التدخين والسجائر والإدمان عليها، سواء أكانت من خلال تدخين السجائر التقليدية القديمة، أو عن طريق السجائر الإلكترونية الحديثة.  

وقد لجأت شركات التبغ إلى هذا الإعلان لانتهاز فرصة غياب الرؤية حول استعمال السجائر الإلكترونية، سواء من الناحية البيئية والصحية، أو من الناحية التنظيمية والتشريعية. فالعلم الحديث لم يُجمع حتى الآن على أضرار هذا النوع من السجائر، وبالرغم من ذلك فإنني شخصياً مقتنع تماماً بانعكاساته الصحية على الفرد والمجتمع. فهذه السجائر تحتوي على خليطٍ معقد من مختلف أنواع السوائل والمواد الصلب، فهي تتكون أساساً من مركب النيكوتين الخالص والمعروف بأضراره الصحية وإصابته للإنسان المدخن بالإدمان، إضافة إلى مركب بروبيلينجليكول، والجليسرين النباتي، ومضافات ونكهات وألوان أخرى، كنكهة القهوة، أو الفواكه، أو النعناع، أو الفانيلا، أو الكولا، وهذه النكهات والمضافات تعتبر سرية لا يعلم عن هويتها أحد، وكل هذه النكهات تضاف إلى محلول النيكوتينمن أجل ترغيب الشباب وتحفيزهم وجذبهم على استخدامها والتعود عليها.

ومن الناحية التشريعية فهناك فراغ قانوني في الكثير من الدول حول تحديد كيفية التعامل مع السجائر الإلكترونية وتنظيم عملية تسويقها وبيعها والترويج لها.

فالآن تأتي الفرصة السانحة التي لا تُفوت لشركات التبغ لتعويض خسائرها من انخفاض بيع السجائر التقليدية من خلال هذا المنتج الجديد واستغلال هذه الفرصة سريعاً لتضرب ضربة قوية وتربح المليارات من بيع هذه السجائر الإلكترونية قبل أن يضيق الخناق القانوني عليها مرة ثانية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق