الثلاثاء، 24 يونيو 2014

كيف تُريد لون بَشَرَتك: مشوية، أم مقلية؟






عندما تَذهبْ إلى مطعمٍ خاص لتقديمالستيك، أو شرائح اللحم البقرية، يأتيك النادل ويسألك كيف تريد أن نَطبخ ونُقدم لك الستيك أو شريحة اللحم، فهل ترغب في أن تكون مقلية أم مشوية، وإذا كانت مشوية، فكيف تحبذ أن تكون، مطبوخة قليلاً، أم كثيراً، أم وسط.


 


والآن هذه التساؤلات نفسها قد تُطرح عليك إذا ذهبتَ إلى صالونات التانينج، أو صالونات تغيير لون ومظهر البَشَرة والجلد. فمصطلح التانينج“ مستخلص من عملية الدِباغة، وهي تحويل جلد الحيوان إلى منتجٍ مفيد باستخدام مادة التانين (tannin)، وهي مادة حمضية تُستخرج من الأشجار، وتُعتبر جزءاً من محلول الدباغة القديم.


 


فإذن نحن فعلياً أمام عملية دباغة الجلد، أو دباغة بَشَرة الإنسان، ولكن باستخدام ما يُطلق عليه بأَسِرةْ التانينج(Tanning Beds)، أو ما أُطلق عليه شخصياً بأسرة الدباغة وأسرة المرض والموت، ولكن المادة المستعملة هنا هي المصابيح التي تنبعث منها الأشعة فوق البنفسجية المـُهلكة للإنسان، فتعمل هذه الأشعة الضارة والمـُسرطنة على تحويل لون البشرة حسب الطلب، وبناءً على الرغبة الشخصية، فهناك في القائمة أو "المانيو" البشرة المشوية قليلاً وهي البرونز، وهناك البشرة المطبوخة قليلاً وهي الذهبي الفاتح، وهناك البشرة المطبوخة أو المحمصة كثيراً وهي اللون البني القاتِم وبدرجاته المتفاوتة.


 


ومع الأسف أننا في المشرق نتبع ونلحق ونلهث دون أي تفكير وراء كل "موضة" أو ظاهرة حديثة تُصَدَّر مُعلبة جاهزة إلينا من الغرب، سواء أكانت مفيدة أم ضارة، فاسدة أم مصلحة، خبيثة أم طيبة، تتنافى مع عاداتنا وثقافتنا أم تتماشى معها، فنحن أصبحنا كما وصَفَنَا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام عندما قال:"لَتَتْبَعُنَّ سنَنَ من قبلكم شِبراً شبراً وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ تَبِعتُموهم، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن".


 


فالغرب هو نفسه الآن يعاني منذ سنوات من تبعات هذه الظاهرة غير الصحية المنتشرة في مجتمعاتهم، ويصرخ بصوتٍ عالٍ من ويلاتها التي شملت الملايين من الناس، وبخاصةٍ المراهقون وصغار السن، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من يقاسي من آلام المرض نتيجة للإسراف الشديد في عملية التانينج أو دباغة الجلد. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال هناك قرابة 30 مليون أمريكي يستخدمون مصابيح الدباغة سنوياً، ونحو مليونين من المراهقين في ريعان الشباب، وأكدت دراسة منشورة في مجلة المعهد الوطني للسرطان في العدد الصادر في مايو من العام الجاري على ارتفاع احتمال إصابة هؤلاء الناس بسرطان الجلد، حيث يموت منهم نحو 9000 أمريكي سنوياً، كما أشار بحث منشور في مجلة أبحاث السرطان البريطانية في أبريل أن حالات الإصابة بسرطان الجلد الآن أعلى من حقبة السبعينيات بخمسة أضعاف، حيث بلغ العدد 13 ألف في السنة مقارنة بـ 1800 في 1975. 


 


كل هذه الإحصاءات المخيفة اضطرت الجهات الحكومية المعنية في الدول الغربية إلى تشديد الرقابة على صالونات التانينج، ووضع أنظمة وإجراءات واضحة تقنن استخدامات أسرة التانينج. فقد أعلنت إدارة الأغذية والدواء الأمريكية في 29 مايو من العام الجاري عن أنظمة أكثر صرامة من قَبْلْ حول عملية دباغة جلد الإنسان، منها إجبار منتجي أسرة الدباغة أو التانينج على وضع تحذيرٍ يُفيد بمنع استخدامها من قبل الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً والمخاطر الصحية التي تنجم عن استعمالها، إضافة إلى التأكد من كمية الأشعة التي يتعرض لها الإنسان، كما رَفَعتْ من درجة خطورة تصنيفها لهذه الأسرة من "منخفضة الخطورة" إلى "متوسطة الخطورة" أو من أجهزة الدرجة الثانية من حيث خطورتها. وعلاوة على هذه الأنظمة الاتحادية الأمريكية، فقد قامت 20 ولاية بسن الأنظمة الخاصة بها، حيث منعت الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة من الدخول في صالونات المرض والموت.


 


ولذلك فنصيحتي الشخصية إلى المواطنين عدم تبني "النموذج والنظرة الغربية للجَمال" وعدم اتخاذ "باربي" قُدْوَة لنا من حيث الأناقة وهيئة الجسم من الطول والعرض، ولون ونوعية الشعر، ولون الجلد، وعرض الخصر، فالجمال أولاً هو جمال الأخلاق والسلوك والمعاملة الرفيعة والأفكار النيرة والسمحة التي يحملها الإنسان ويطبقها في حياته، ثم يأتي جمال الجسم الذي أساسه الحفاظ على صحة وسلامة أعضاء هذا الجسم وتبني كافة الوسائل للعيش بعيداً عن الأمراض والأسقام.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق