الخميس، 21 أغسطس 2014

رَفْع البطاقة الحمراء ضد سرطان الجلد



رئيس الخدمات الصحية العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يُطلقُ عليه تقليدياً لقب "الجراح العام"، حَذَّر وبشدة في تقريرٍ شامل نشره في يوليو من العام الجاري من انتشار سرطان الجلد على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، وعلى المستوى الدولي عامة.

فقد جاء في التقرير أن سرطان الجلد يُعد الآن في الولايات المتحدة الأمريكية "مشكلة صحية عامة رئيسة تتطلب إجراءات فورية"، كما أضاف التقرير بأن "معدلات الزيادة في سرطان الجلد تُسبب قلقاً صحياً شديداً لا يمكن تجاهله، فلا بد من وجود خطةٍ شاملةٍ لمنع سرطان الجلد تشترك في وضعها كافة قطاعات وشرائح المجتمع من الجمعيات العلمية المهنية، ورجال الأعمال، والأجهزة الحكومية، والمنظمات الأهلية وجمعيات المجتمع المدني".

وقد وصل التقرير إلى هذه الاستنتاجات المرعبة استناداً إلى الأرقام والإحصاءات المخيفة حول معدلات الإصابة بالسرطان، والتي تؤكد انتشاره بدرجةٍ مخيفة، ونسبٍ عالية تُـهدد الصحة العامة للأمريكيين، وتُنذر بكارثةٍ صحية لا مثيل لها.

فهناك قرابة خمسة ملايين أمريكي يُعَالجُـون سنوياً من هذا المرض الخبيث، معظمهم من فئة الشباب والمراهقين، يموت منهم زهاء 9000 سنوياً من أخطر نوعٍ من أنواع سرطان الجلد وهو الميلانوما، والخطورة تكمن في أن هذه النسب من الإصابة بالسرطان في ارتفاع مطرد سنوياً، حيث تؤكد الإحصاءات أن الزيادة السنوية بلغت200% خلال الفترة من 1973 إلى 2011، كما تفيد الدراسات أن الحالات الجديدة لسرطان الجلد من نوع الميلانوما والتي تُشخص سنوياً تصل إلى 63 ألف حالة، يموت منهم 9 آلاف معظمهم من قطاع الشباب وصغار السن، علماً بأن هذا المرض وتداعياته على المجتمع تُكلف الخزانة الأمريكية قرابة8.1 بليون دولار سنوياً.

وبالرغم من هذه الإحصاءات التي تثير القلق الشديد في نفوسنا والخوف في قلوبنا، فإن الأمر بأيدينا، فلحسن الحظ فإن هذا المرض يمكن تجنبه ومنعه عن طريق اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة،  وبالأخص تفادي التعرض للملوثات المسببة له.

فتؤكد الأبحاث أن السبب الرئيس الذي يقف وراء الإصابة بهذا المرض هو الملوثات الطبيعية، وبالتحديد الأشعة البنفسجية التي تأتي إِما من مصادر طبيعية من الشمس والأشعة الكونية، وإما من مصادر نحن بأنفسنا وبمحض إرادتنا وطواعية مِنَّا، نُعرض جلدنا لها.

فأما المصدر الأول وهو الشمس، فالوقاية من أشعتها أمر سهل ولا يكلف شيئاً لنا. فأولاً يجب ارتداء الملابس المناسبة عند التعرض للشمس، وبخاصة الملابس البيضاء التي تعكس الأشعة البنفسجية المنبعثة من الشمس وتمنع وصولها إلى سطح الجلد، وإذا كان لا بد من التعرض فيجب وضع الدهون والكريمات على الجلد التي تعمل كسطح واقي وطبقة تمنع ولوج الأشعة القاتلة إلى الجلد.

وأما المصدر الثاني فهو عملية "دباغة الجلد" أو ما يُطلق عليه "التانينج"، حيث إن الغرب أدخل في عقليتنا وأقنع نفوسنا بأن مقياس الجمال هو أن يكون لون جِلْدكَ برونزياً أو ذهبياً، وعندها تكون قد واكبت الموضة ولحقت بقافلة الحداثة والتطور، ولكي تغير لون جلدك حسب المتطلبات العصرية للجمال والأناقة، فعليك أن تعرض نفسك للأشعة البنفسجية، إما عن طريق المصابيح الشمسية التي تنطلق منها جرعات مكثفة وعالية من الأشعة البنفسجية، أو من خلال أسرة التانينج، أو عن طرق غرف التانينج التي تَتَعرض فيها لهذه الأشعة بشكلٍ مباشر.

فالغرب هو الذي أدخل هذه البدعة السيئة إلى المجتمع البشري، وهو الآن نفسه من أشد المعانين من ويلاتها وانعكاساتها المرضية على فلذات أكبادهم، مما اضطرهم ممثلاً في إدارة الدواء والغذاء الأمريكية إلى الإعلان في أبريل من العام الجاري عن إجبار مصنعي أسرة التانينج إلى وضع علاماتٍ تحذيرية عن أضرارها الصحية القاتلة، إضافة إلى منع استخدامه من الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، كما قامت منظمة الصحة العالمية في عام 2009 بتصنيف أسرة ومصابيح التانينج  من ضمن النوع الأول من المواد "المسرطنة للإنسان".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق