الاثنين، 20 مارس 2017

أسلحة الصين في الحرب على التلوث


عدو من نوعٍ جديد بدأ يغزو المدن الحضرية العريقة في كل أرجاء العالم، ويهاجم بكل قوةٍ وعنف على مكتسباتها التنموية، فيقتل البشر والشجر والحجر ويهدد صحة الناس بالمرض العضال المستعصي عن العلاج، فهذا العدو لا يغزو موقعاً محدداً صغيراً في المدن، أو يضرب منطقة جغرافية ضيقة، كما تفعل الطائرات أو الصواريخ، وإنما يلقى بظلاله المميتة فيشمل المدينة برمتها دون تمييز أو تفريق أو رحمة، فهو يهاجم الأطفال والشباب والشيوخ، ولا يميز بين الفقير والغني، أو بين الضعيف والقوي، فالجميع سواسية أمامه، والجميع ينزل عليه الضرر والبلاء على حدٍ سواء.

 

والمدن الصينية، على سبيل المثال تقع منذ أكثر من عقدٍ من الزمان تحت رحمة هذا العدو الغاشم المفترس، ويقاسي الملايين من الشعب الصيني من غزو هذا العدو لمدنهم بين الحين والآخر، وعندما يهجم على المدن الصينية تُعلن أعلى درجات حالات الطوارىء، فتنشل الحركة كلياً، فحركة الطائرات تتوقف وتغلق المطارات، وتنعدم الرؤية في الشوارع فتتوقف الحركة المرورية، كما تتوقف معظم المصانع عن العمل، وتغلق المدارس أبوابها ويمكث الناس في منازلهم خوفاً من بطش هذا العدو، ويستمر الحال على هذا الحال حتى يقوم العدو بمحض إرادته من التراجع والذهاب إلى ثكناته العسكرية.

 

هذا الوضع الكارثي اضطر الحكومة الصينية ولأول مرة في تاريخ الصين وربما في تاريخ البشرية من الاعتراف به كعدو لا بد من مقاومته ومواجهته بشتى الوسائل، حتى أن الرئيس الصيني أعلن في عام 2014 "الحرب رسمياً على هذا العدو، وهو التلوث"، وبخاصة تلوث الهواء الجوي الذي يغطي عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة ويقصف على حدود جغرافية واسعة جداً، فحدد الرئيس الصيني الأسلحة المضادة الفاعلة واللازمة للقضاء عليه، أو الحد من جبروته وقسوته، وخفض درجة خطورته وتهديده للمجتمع الصيني.

 

أما الأسلحة الصينية للحرب على التلوث فقد تمثلت في أسلحة قصيرة الأمد، وتستخدم فورياً لمقاومة العدو عندما يهجم على المدن، وأسلحة أخرى إستراتيجية طويلة الأمد تستعمل على مدى زمني طويل لكبح جماح هذا التلوث الضارب ومنع هجومه في السنوات القادمة.

 

والمهم هنا أن نتعلم من الدرس الصيني ونستفيد من خبراتهم في التعامل مع هذا العدو، وبخاصة من ناحية الأسلحة الإستراتيجية، ومنها تقليل استخدام الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى في توليد الكهرباء وتشغيل المصانع، والتوجه نحو مصادر الطاقة البديلة النظيفة والمتجددة، حيث أعلنت الصين في فبراير من العام الجاري أنها ستنفق أكثر من 360 بليون دولار بحلول 2020 في تقنيات ومصادر الطاقة المتجددة، كما أن الصين ستستخدم سلاحاً آخر في هذه الحرب ضد العدو من حيث خفض استخدام السيارات التي تعمل بالديزل واستبدالها بالسيارات التي تعمل بوقود أكثر نظافة بيئياً. ومن الأسلحة التي استحدثتها الصين هي اعتماد الكونجرس القومي الشعبي في الأول من يناير 2017 فرض الضرائب البيئية، وتجريم المخالفين للأنظمة البيئية ومعاقبتهم بشدة.

 

فهذا العدو الذي ضرب الصين، وآلاف المدن في العالم، سيكون حتماً قريباً من ديارنا، وسينقض علينا فجأة، فما هو سلاحنا ضده؟

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق