الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

ذَهَبْ في مياه المجاري!


هل سمعتُم أو قرأتم عن وجود الذَهَبْ في مياه المجاري الملوثة وفي مخلفاتها الصلبة وشبه الصلبة القذرة؟

 

وهل يمكن لأغلى عنصر يَستثمر فيه كبار التجار ولا تستطيع النساء الاستغناء عنه أن يكون موجوداً في أقذر مكان على وجه الأرض ومع المياه الآسنة النتنة ذات الروائح الكريهة والمنفِّرة التي يبتعد عنها جميع الناس، وتسعى الدول جاهدة في التخلص منها وتصرف الملايين على معالجتها؟

 

نعم هذا صحيح، فالذهب موجود في مياه المجاري وفي الحمأة أو المخلفات شبه الصلبة التي تنتج عن عملية معالجة هذه المياه! وهذا ما اكتشفه علماء سويسرا الذين يعملون في المعهد السويسري الاتحادي لعلوم وتقنية المياه، وكَتَبتْ عنه وكالة بلومبيرج المختصة أساساً بالأخبار والتحليلات الاقتصادية في 11 أكتوبر من العام الجاري.

 

فقد أَجْرى هؤلاء العلماء تحليلاً شاملاً على مياه المجاري ومخلفاتها الصلبة التي تنتج عن عملية المعالجة في 64 محطة لمعالجة مياه المجاري على مستوى سويسرا كلها للتعرف على تركيز المعادن فيها، وبخاصة المعادن الثمينة التي لها قيمة عالية في السوق كالذهب والفضة والتيتينيوم، واكتشفوا أمراً عجباً لم يتوقعوه أبداً، فقد أكدوا على وجود الذهب والفضة والعناصر الأخرى الثمينة في حمأة مياه المجاري بتراكيز ومستويات عالية جداً تستحق أن تُستخلص من هذه المخلفات العفنة ويُعاد تدويرها وصناعتها وتُعد جدواها الاقتصادية مرتفعة جداً، حيث قدَّروا كمية الذهب سنوياً بنحو 43 كيلوجراماً وقيمتها السوقية قرابة 1.8 مليون دولار أمريكي، كما بلغت كمية الفضة زهاء 3000 كيلوجرام تُقدر قيمتها في السوق بنحو 1.7 مليون دولار أمريكي.

 

إن هذا الاكتشاف المثير يؤكد لنا بأن المخلفات بشكلٍ عام، سواء أكانت غازية أم أم سائلة أم صلبة وشبه صلبة الناتجة عن منازلنا ومصانعنا ليست عديمة القيمة والجدوى الاقتصادية، فنعمل دون تفكير أو تحليل إلى التخلص منها مباشرة كما هي عليها، فهي في الواقع قد تكون مواد خام نُقيم عليها العشرات من المصانع المثمرة التي تشغل الناس في دولنا فتُسهم في حل مشكلة البطالة. فهناك الكثير من المخلفات التي تنتج من أحد المصانع فتُستخدم مباشرة وتُنقل إلى مصنعٍ آخر يقوم على هذه المخلفات، مثل نفايات الكبريت الناتجة من محطات تكرير النفط أو الغاز الطبيعي والتي تنقل إلى مصانع إنتاج حمض الكبريتيك أو غيرها من المصانع التي تستخدم الكبريت كمادة أولية. كذلك هناك مئات المصانع التي تشتغل باستخدام كل عنصر من عناصر القمامة التي تنتج من منازلنا، فتقوم بإعادة استعمالها أو تدويرها، كالورق، والبلاستيك، والألمنيوم، والجزء العضوي من القمامة، والحديد، والمخلفات الإلكترونية.

 

فالمخلفات كما يعرفها الصينيون هي مواد خام لا نعلم كيف نستغلها ونستفيد منها في بعض الأوقات، ففي كل يوم يكتشف العلماء مخرجاً مفيداً واستخداماً نافعاً لهذه المخلفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق