الخميس، 20 سبتمبر 2018

الإدارة اليتيمة


هذا الطفل الصغير الضعيف وُلد يتيماً ووحيداً، فلم يجد أحداً يهتم به ويرعاه من أعماق قلبه وبكل إخلاصٍ وعطفٍ وحنان، فانتقل من ملجأ للأيتام إلى آخر، ومن حضن يأويه إلى آخر، فلم يشعر بالاستقرار منذ ولادته في بيتٍ واحد ومع أسرة واحدة لا تتغير، ولم يحصل منذ أن ولج إلى الحياة الدنيا على ملاذٍ آمن ودافئ ودائم، فيكبر فيه، ويترعرع تحت ظله بشكلٍ طبيعي وسليم ومستدام.

فوضع هذا الطفل اليتيم ينطبق على وضع بعض الإدارات عندنا، كإدارة الثروة السمكية. فهذه الإدارة منذ أن وطأت قدماه أرض الدنيا في الستينيات من القرن المنصرم، فتحت عينيها وهي تحت مسمى "مكتب الثروة السمكية" التابع لوزارة الخدمات الهندسية، فهي إذن وُلدت وتعاني من ضعفٍ جسدي وهوانٍ عضوي.

وبعد سنواتٍ من بقائه في هذا الملجأ الإداري انتقل هذا المكتب الصغير في السبعينيات من القرن العشرين إلى دارٍ آخر جديد هو وزارة المالية، فلم يلبث هناك فترة طويلة ليحس بالأمان والاستقرار والراحة الجسدية والنفسية فيتمكن من العطاء والإنتاج، فنُقل بعد أن كبر في السن قليلاً إلى وزارة التجارة والزراعة تحت مسمى "إدارة الثروة السمكية"، ثم شاءت الأقدار والظروف أن يُرحل إلى ملاذٍ آخر هو وزارة الأشغال والزراعة التي لم تتمكن من تبنيه طويلاً فنُقل إلى وزارة الإسكان والزراعة.

ويا ليت حال هذا الطفل اليتيم ووضعه بقيا عند هذا الحد لكي ينعم بالاستقرار النفسي والجسدي، ففي عام 2002 تغير اسمه إلى "إدارة الثروة البحرية" ونُقل إلى ملجأ جديد لم يُعرف من قبل هو "الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية"، فاستمر في هذا الملجأ فترة قصيرة ولم يستقر فيه فأُلحق بعد ذلك وبالتحديد في عام 2012 بوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، وأخيراً الآن وصل به المطاف ليكون ضيفاً على وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني. 

وهكذا نرى أمامنا وبكل وضوح الوضع الإداري والتنظيمي وتغير تبعية هذه الجهة المعنية بإدارة وتنظيم هذا المورد الحيوي الفطري غير الناضب والمتجدد المتمثل في الموارد البحرية الغنية والثروة السمكية الثرية، فكيف سيكون وضع هذه الثروة البحرية الطبيعية التي أنعمها الله علينا إذا كان هذا هو حال الإدارة المعنية بالاهتمام بهذه الثروة وصيانتها ورعايتها لنا وللأجيال اللاحقة؟

والجواب تشاهدونه أمامكم!     



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق