السبت، 8 سبتمبر 2018

المدينة الخضراء


هناك من يُطلق للعنان عبارات ومصطلحات رنانة وجميلة لا يفهم هو أبعادها وكلفة الدعوة إليها وتعقيدات تنفيذها وتطبيقها في الواقع، كمصطلح "المدينة الخضراء" الذي سمعته مؤخراً وقرأتُ عنه في الصحف المحلية.

 

فالمدينة الخضراء منهج شامل وكبير للحياة، وسياسة عامة معقدة ومتشابكة تضعها الحكومات والدول لتحويل المدن من النهج التقليدي العشوائي غير المنظم والمتداخل إلى النهج الحديث الإبداعي الذي يعتزم في نهاية المطاف تحقيق التنمية المستدامة من خلال ضم وإدخال البعد البيئي الصحي والعامل المتعلق بحماية موارد وثروات البيئة وصيانتها في كافة أجهزة ووزارات وهيئات الدول دون استثناء، سواء أكانت وزارة الدفاع أو الداخلية أو البيئة أو التربية أو الصحة أو المواصلات، فكل وزارة دور ووظيفة تقوم بها بحيث تصب كل هذه الجهود في مصلحة حماية صحة البيئة والإنسان، وأخيراً في مصلحة تحقيق الدولة للتنمية المستدامة.

 

فالمدينة الخضراء تعني وضع وتنفيذ معايير ومواصفات في مجال البناء في تلك الدولة أو المدينة بحيث تأخذ في الاعتبار رعاية كافة عناصر البيئة، ومنها المعايير الخاصة بترشيد استهلاك الماء من خلال وضع أجهزة ومعدات تقلل من استخدام الماء في عملية بناء منزل أو فلة أو عمارة أو مصنع، ومنها المواصفات الخاصة بتقنين وخفض استعمال الكهرباء عن طريق وضع العوازل على الجدران والنوافذ والأسطح واستعمال مصادر الطاقة المنخفضة الانبعاث للملوثات، ومنها أيضاً المحافظة على جودة الهواء داخل المبنى.

 

والمدينة الخضراء تعني تبني وسائل مواصلات صديقة لصحة الإنسان والبيئة من خلال تغيير أو تحسين نوعية الوقود المستعمل في السيارات حالياً، والتحول التدريجي إلى السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية أو الشمسية.

 

والمدينة الخضراء تعني وضع سياسات واستراتيجيات واضحة طويلة الأمد وتحويلها إلى برامج عملية قابلة للتنفيذ في مجال إدارة المخلفات الصلبة والسائلة سواء كانت مخلفات المصانع، أو مخلفات البناء، أو المخلفات المنزلية الصلبة، أو مياه المجاري.

 

والمدينة الخضراء تعني زيادة المساحات الخضراء وزيادة رقعة الحدائق سواء أكانت الحدائق المنزلية أو الحدائق العامة، وإنشاء المحميات النباتية التي تحافظ على الغطاء النباتي في المدن.

 

والمدينة الخضراء تعني أيضاً إنتاج الطاقة والكهرباء بشكلٍ خاص من مصادر لا تضر بصحة الإنسان والبيئة وتجنب استعمال مصادر الطاقة الأحفوري غير المتجددة والملوثة للهواء، والتحول مع الوقت إلى مصادر لا تلوث الهواء مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية.

 

فكل هذه المعاني التي أوردتها بسرعة الآن وباختصار شديد تقع تحت مظلة مصطلح "المدينة الخضراء"!    

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق