السبت، 2 أبريل 2022

كم عدد قنابل الدمار الشامل النووية؟

نشرتْ وسائل الإعلام في 22 مارس من العام الجاري مضمون المقابلة التلفزيونية التي أجرتها المحطة الإخبارية الأمريكية "سِي إِن إِن" مع ديميتري بسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئيس الروسي فالدامير بوتين، حيث رفض التصريح عدة مرات أثناء سؤاله حول احتمال استخدام روسيا للسلاح النووي، وعندما سألته مرة ثانية مديرة الحوار من "سي إن إن" تحت أية ظروف بوتين سيستخدم القدرات النووية الروسية، فأجاب قائلاً: "إذا كان هناك تهديد وجودي لدولتنا، فعندئذٍ يمكن استخدامه". وفي السياق نفسه أعلن بوتين من قبل، وبالتحديد في 27 فبراير بأن القوات النووية لبلاده في حالة "تأهب قصوى".

 

ولكن إذا ألقتْ روسيا القنبلة النووية، أو أي سلاح نووي آخر، فماذا ستكون ردة فعل الدول النووية التسع الأخرى؟ وما هي الدول التي قد تدخل في هذا الصراع النووي المدمر؟ وما هي أعداد وأنواع القنابل والرؤوس النووية التي تمتلكها هذه الدول؟

 

في الواقع فإن الإجابة عن هذه الأسئلة ستكون صعبة ولا يمكن التكهن بها، وبخاصة السؤال المتعلق بالمعلومات حول حجم ونوعية وأعداد الأسلحة النووية، فهي تكون في غاية السرية والغموض، وإن توافرت عن بعض الدول فستكون غير دقيقة، ولا يمكن الوثوق بمصداقيتها كلياً. ولكن بالرغم من هذا الشح في المعلومات الصحيحة، إلا أن هناك بعض التقارير الرسمية وغير الرسمية التي قدَّمت تقديرات وإحصاءات حول نوعية وحجم الأسلحة النووية في بعض دول العالم.

 

فعلى سبيل المثال هناك التقرير المنشور من "جمعية التحكم في الأسلحة"(Arms Control Association) في يناير 2022 تحت عنوان: "تقديرات الأسلحة النووية على المستوى العالمي لعام 2021"، حيث أفاد التقرير أن عدد الرؤوس النووية الاستراتيجية والتكتيكية التي تمتلكها الدول النووية التسع المعترف بها دولياً على صورة قنابل، أو صواريخ برية وبحرية وجوية هي كما يلي: الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك قرابة 5550 رأساً نووياً، ثم روسيا 4497، والصين 350، وفرنسا 290، والمملكة المتحدة 225، وباكستان 165، والهند 156، والكيان الصهيوني 90، وأخيراً كوريا الشمالية التي تمتلك حسب التقديرات من 40 إلى 50 رأساً نووياً.

 

كذلك نشرت مجلة "أخبار الأمن الداخلي" الأمريكية الحكومية(Home Security News Wire) تقريراً في الخامس من مايو 2010، وذكرت فيه بأن الولايات المتحدة الأمريكية لديها 5113 رأساً نووياً استراتيجياً، علماً بأن هذا العدد كان أعلى بكثير في عام 1967 حيث بلغ زهاء 31225، وفي عام 1989 كان العدد الإجمالي 22217، وجدير بالذكر فإن هذه المعلومات نشرتها الولايات المتحدة كمعلومات غير سرية حول مخزونا الكلي من الرؤوس النووية، كما أكد على هذه المعلومات التقرير المنشور في 28 يناير 2004 من جمعية التحكم في الأسلحة. كذلك فإن تقرير "الجمعية" الصادر في يناير 2022 أشار إلى أن المخزون النووي الآن يقدر في الولايات المتحدة الأمريكية بـ 5550 رأساً نووياً في حين أن روسيا تمتلك 6257 رأساً نووياً. وعلاوة على ذلك فإن تقديرات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام(Stockholm International Peace Research Institute) حول المخزون من الأسلحة النووية في بعض دول العالم لعام 2021، جاءت روسيا في المرتبة الأولى بـ 6375 رأساً نووياً، ثم أمريكا في المرتبة الثانية بـ 5550 رأساً نووياً، ثم الصين 350، وفرنسا 290، وبريطانيا 225. وهناك تقديرات أخرى نُشرت في أكتوبر 2021 من اتحاد علماء أمريكا وقدَّمت أرقاماً متشابهة، وأضافت إلى الدول الخمس باكستان بـ 165، والهند 160، ثم الكيان الصهيوني 90، وأخيراً كوريا الشمالية 45.

 

وحديثاً، وبالتحديد في 23 فبراير 2022 صَدرتْ "نشرة علماء الذرة"(Bulletin of the Atomic Scientists) تحت عنوان: "كم عدد الأسلحة النووية التي بحوزة روسيا في 2022؟"، حيث أفاد التقرير بأن المخزون الروسي من الرؤوس النووية يقدر بـ 4477، منها 1588 رأساً نووياً استراتيجياً وتكتيكياً وموجودة فوق الصواريخ بمختلف أنواعها البرية والبحرية والجوية، إضافة إلى القنابل الذرية، والباقي من الرؤوس النووية هو 977 رأساً نووياً استراتيجياً، و 1912 غير استراتيجي ومخزن في مواقع سرية مختلفة.

 

كذلك نشرت مجلة "العلمي الأمريكي"(Scientific American) مقالاً في 22 مارس من العام الجاري تحت عنوان: "كم عدد الأسلحة النووية الموجودة، ومن يمتلكها". فهذا المقال أفاد بأن السلاح النووي يصنَّف إلى نوعين، الأول استراتيجي وهو طويل المدى، أي من الممكن أن يُطلق من موسكو مباشرة إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، والنوع الثاني غير استراتيجي تكتيكي قصير المدى. كما ذكر التقرير بأن الولايات المتحدة الأمريكية لديها 1357 رأساً نووياً استراتيجياً، وفي المقابل روسيا تمتلك 1456، علماً بأن معظم التقارير تفيد إلى أنه منذ الحرب الباردة فإن أمريكا وروسيا قد خفضتا من السلاح النووي بشكلٍ عام، فالعدد الآن أقل بكثير، وذلك بسبب إحالة القديم منه وغير ذات الجدوى عسكرياً على التقاعد، كما أن الدول النووية التقليدية أجرتْ تحديثاً شاملاً على ترسانتها من الأسلحة النووية، وطورت أسلحة نووية جديدة تعمل بتقنيات حديثة متطورة جداً، كالتحول من تقنية الانشطار في حالة القنبلة الذرية التقليدية التي أُلقيت على هيروشيما وناجازاكي، إلى تقنية الاندماج النووي لنواة نظائر ذرة الهيدروجين والمعروفة بالقنبلة الهيدروجينية، والتي تُقدر قوتها التدميرية الشاملة بأكثر من ألف مرة من قوة القنبلة الذرية القديمة.

 

ولذلك فمن الواضح أن السباق المحموم للهيمنة النووية، ونيل التفوق والاحتكار في مجال السلاح النووي النوعي والكمي لم ولن يتوقف أبداً، وسيظل مستمراً حتى يأخذ الله الأرض ومن عليها، بالرغم من البيان الجماعي المشترك الصادر في الثالث من يناير 2022 من خمس دولة نووية كبرى هي الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، تحت عنوان: "منع الحرب النووية وتجنب سباقات التسلح".

 

فالسلاح النووي يُعتبر الآن مصدراً للقوة العسكرية، ومصدراً لقوة القرار السياسي بين الدول، ومصدراً لاحترام وتقدير الدول، ومصدراً لإرهاب الدول لردعها ومنعها من الاعتداء عليها، كما هي مصدر العزة والكرامة للدولة التي تمتلكها، مما يدعوني من الناحية المصيرية إلى حث دول مجلس التعاون إلى العمل بشتى الطرق والوسائل على امتلاك هذا المصدر الذاتي للقوة، والاعتماد على أنفسنا في الدفاع عن دولنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق