الثلاثاء، 14 فبراير 2012

هل كلُ من يُدخن يُصاب بالسرطان؟

ألقيتُ مؤخراً محاضرةً عن الانعكاسات السلبية للتدخين على الفرد نفسه كمُدخن، وعلى من حوله من الجالسين من غير المدخنين.

وبعد الانتهاء من المحاضرة وعند فتح الباب للأسئلة والمناقشة، قام أحد الحاضرين وسألني سؤالاً محيراً ومنطقياً فقال: "إنني أعرفُ شخصاً عُمره نحو ثمانين عاماً، ويُدخن منذ سنواتٍ طويلة وهو حي يرزق ولم يصب حتى الآن بأي نوعٍ من الأمراض، فكيف تقول بأن التدخين مضر، ويؤدي إلى الإصابة بالسرطان؟"

وفي الحقيقة فإن هذا التساؤل يُراود الكثير من الناس، وعندما سألني هذا الأخ بعد محاضرتي عن هذه الظاهرة، لم أعرف حينها الإجابة العلمية على هذا السؤال المطروح، سوى التغيرات الفردية الموجودة بين الناس من ناحية قابليتهم للإصابة بالأمراض.

واليوم أجد الجواب على هذا السؤال في ثلاثة بحوثٍ منشورة في العدد الأخير من مجلتين علميتين معروفتين هما مجلة الطبيعية(Nature)، والثانية مجلة جينات الطبيعة (Genetics Nature).

فقد تمخضت عن هذه الأبحاث عدة نتائج هامة هي كما يلي:
أولاً: يُعد التدخين من أهم الأسباب المؤدية إلى الإصابة بسرطان الرئة، وأن هناك فروقاً فردية بالنسبة لاحتمال الإصابة بهذا المرض.
ثانياً: تُوجد جينات في جسم الإنسان تزيد من احتمال الإصابة بهذا المرض نتيجة للتدخين، وعدم وجود هذه الجينات يُقلل من احتمال الإصابة بسرطان الرئة، مما يفسر ويقدم الإجابة على السؤال الذي طرحة أحد الأخوة بعد المحاضرة.
ثالثاً: بعض الجينات الموجودة في جسم بعض الناس يحفز وينشط قدرة النيكوتين على تكوين الخلايا السرطانية، كما يزيد في الوقت نفسه على احتمال إدمان الإنسان على التدخين بعد البدء فيه.

وبالرغم من هذه النتائج، فإنني لا أريد أن يظن القارئ بأن هذه النتائج تُعطيه الضوء الأخضر في البدء في التدخين، أو حتى الاستمرار فيه، فهناك إجماع في المجتمع الطبي أن التدخين آفةٌ ومرض على الفرد والمجتمع ويجب التخلص منه كلياً، وإذا لم يصب المدخن ومن حوله بالسرطان فإنهم سيصابون بأمراض الجهاز التنفسي والقلب المزمنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق