الأحد، 26 فبراير 2012

تسييس غاز ثاني أكسيد الكربون


لأول مرة في تاريخ البشرية تُسيس مادة كيميائية وتدخل في اللعبة السياسية بين الأحزاب في الدولة الواحدة وبين دول العالم وتكتلاتها المختلفة، بل وأصبحت الأحزاب والدول تدخل في معارك ضارية ومستميتة حول هذا المُركَب، واجتمع قادة دول العالم عدة مرات لمناقشة المستوى المسموح به في الهواء الجوي.

فرجال السياسة الذين عادة لا يعرفون شيئاً عن الملوثات الكيميائية، أصبحوا الآن يتحدثون في اجتماعاتهم ولقاءاتهم على المستويين الوطني والدولي عن هذا المركب الذي اكتسب خلال العقدين الماضيين شهرة كبيرة لا مثيل لها.

هذا المركب هو غاز ثاني أكسيد الكربون الذي خلقه الله سبحانه وتعالى بقدرٍ واتزان في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي بتركيز يبلغ نحو 270 جزءاً من هذا الغاز في المليون جزء من الهواء الجوي، وبهذا التركيز المعتدل يقوم بعدة مهمات، منها الحفاظ على التوازن المناخي للكرة الأرضية وجعل درجة حرارة الأرض مناسبة لكي يعيش عليها الإنسان والكائنات الحية الأخرى.

ولكن تركيز هذا المركب في الهواء الجوي لم يظل على ما هو عليه، فأنشطة الإنسان خلال القرنين الماضيين والمتمثلة في حرق الوقود في المصانع ومحطات توليد الكهرباء ووسائل النقل المختلفة، زادت من تركيز ثاني أكسيد الكربون إلى قرابة 387 جزءاً في المليون، مما خَلَقَ مشكلة بيئية دولية، تمثلت في رفع درجة حرارة الكرة الأرضية وأدت إلى ظهور تداعيات خطرة تهدد استدامة حياة الإنسان على وجه الأرض. 

ونظراً لارتباط انبعاث هذا الغاز بالعمليات التنموية للإنسان، وبخاصة التنمية الاقتصادية، فإن أي اقتراح دولي لخفض انبعاثه إلى الهواء الجوي يواجه بسيلٍ عرمٍ من الاحتجاجات من الدول، وبخاصة الدول الصناعية المتقدمة التي لا تعتزم الالتزام بأي تعهدات خاصة بخفض مستوى انبعاث ثاني أكسيد الكربون. وفي مثل هذه الحالات يدخل رجال السياسة وقادة الدول على الخط في تجاذبات لا نهاية لها، ويتم تسييس هذا الغاز والقضية برمتها، وتدور الدول في دوامة لا يمكن الخروج منها، كما هو عليه الحال الآن.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق