الخميس، 30 أغسطس 2012

إذا أردتَ معرفة الوضع الاقتصادي فابحث في وضع المخلفات


هناك مؤشرات وضعها علماء الاقتصاد ليتعرفوا فيها على الوضع الاقتصادي للدول، ويدرسوا من خلالها حالة الاقتصاد من حيث تحسنها أو تدهورها على مستوى الدولة نفسها أو على المستوى العالمي.

وفي المقابل هناك مؤشرات بيئية يمكن أيضاً عن طريقها دراسة الحالة الاقتصادية للدولة والناس والتعرف على صحتها وازدهارها ونموها، أو انكماشها وركودها وضعفها على المستويين الفردي والجماعي.

ومن هذه المؤشرات البيئية التي تعطي معلومات موثقة عن حالة الاقتصاد هي كمية ونوعية المخلفات التي تَنتج من الأنشطة المختلفة للدولة برمتها سواء أكانت أنشطة تجارية أم صناعية أم تعميرية، إضافة إلى كمية ونوعية المخلفات الصلبة أو القمامة المنزلية التي تنتج من المواطن نفسه. فكمية ونوعية المخلفات الصلبة التي ينتجها الفرد من منزله، أو مكتبه، أو مؤسسته، وكمية ونوعية المخلفات التي تنتج عن الدولة بمجموعها هي دليل ملموس على الوضع الاقتصادي للدولة ومستوى أدائها العام ومدى قوتها أو ضعفها، كما هي مؤشر مفيد جداً لقياس درجة النشاط الاقتصادي في الدولة، إضافة إلى أنها مؤشر صحيح يقيس الحالة الاقتصادية التي يعيشها الناس أيضاً في تلك الدولة وأسلوب حياتهم وأنماط استهلاكهم اليومي.

فالدراسات الميدانية تؤكد على أنه كلما تحسن الوضع الاقتصادي للدولة وزاد الدخل المادي للفرد وارتفعت وتيرة التنمية وزادت الأنشطة التي تقوم بها الدولة، كلما زاد إنتاج الفرد والدولة للمخلفات، أي أن هناك علاقة طردية بين الأداء الاقتصادي للدولة وتحسن الحالة الاقتصادية للفرد وكمية المخلفات التي تُلقي في مواقع الدفن.

وقد أشار إلى هذه الحقيقة العالم الاقتصادي المعروف مايكل ماكدونف(Michael McDonough) الذي نشر مقالاً في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في 20 أغسطس من العام الجاري تحت عنوان "ماذا تُخبرنا القمامة عن الاقتصاد الأمريكي؟"، ووضع في المقال رسماً بيانياً يؤكد العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية(GDP)، وهو المؤشر الذي يقيس النمو والأداء الاقتصادي وقوة اقتصاد الدولة، وبين كمية المخلفات التي تنتجها الدولة وتنتهي في نهاية المطاف في مواقع دفن المخلفات، حيث أفاد بأنه كلما نما الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا وتحسن الأداء الاقتصادي، كلما زادت تبعاً له أحجام المخلفات التي تنقل إلى مواقع الدفن، وفي المقابل كلما انخفض الناتج المحلي الإجمالي وضعف الاقتصاد وأصابه الركود، كلما قلت كمية المخلفات الصلبة.

كذلك فإن نوعية المخلفات التي تنتج من الفرد والدولة دليل آخر على الوضع الاقتصادي، ومؤشر على مدى قوة أو ضعف الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، كلما زادت كمية المخلفات الالكترونية وعلى رأسها مخلفات أجهزة الحاسب الآلي أو الكمبيوتر، سواء أكان الكمبيوتر المنزلي أو الكمبيوتر المحمول، إضافة إلى أجهزة الطباعة وأجهزة الآي باد وغيرها، كلما أشر ذلك ودَل على ازدهار الاقتصاد وتحسن الأحوال المالية والمعيشية للأفراد. فمن المعروف أن الأجهزة الإلكترونية، وبخاصة أنواع الكمبيوتر المختلفة، تُعد من المستلزمات الغالية الثمن والباهظة التكاليف، والدولة الفقيرة أو الفرد ذو الدخل البسيط والمحدود لا يستطيع شراء هذه الأجهزة وامتلاكها، وإذا ما تمكن من شرائها فإنه سيحافظ عليها ولن يلقيها مع المخلفات إلا بعد أن تخرب نهائياً، وييأس من إمكانية إصلاحها، أو أن تصبح لا فائدة علمية منها.

فالمخلفات إذن كنز علمي وثروة متجددة يجب الاستفادة منها وتجنب دفنها كلما أمكن ذلك، فهي مؤشر على الوضع الاقتصادي والسلوكيات الاجتماعية للمجتمعات والأفراد، وهي في الوقت نفسه مواد خام يمكن أن تقوم عليها العديد من الصناعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق