السبت، 12 يناير 2013

بحرينٌ بدون تدخين


لو قامت مملكة البحرين برفع شعارٍ تحت عنوان بحرينٌ بدون تدخين بحلول عام 2020، أو بحلول أي عامٍ آخر تختاره المملكة كهدف تمنع فيها التدخين كلياً في البحرين، فستكون عندئذٍ أول دولة في العالم تحظر فيها التدخين على المستوى الوطني، وستكون البحرين أول دولة تدخل فيها هذه البدعة الحسنة والوقائية على المجتمع الدولي، وحتماً ستقتدي دول أخرى بهذا الإجراء الصحي والبيئي الذي يحمي الصحة العامة من خطرٍ مشهودٍ ومعلوم.

فهناك إجماع غير مسبوق على مستوى منظمات الأمم المتحدة المعنية بالصحة والبيئة، وعلى مستوى الجمعيات المهنية والبحثية الإقليمية والدولية على أن التدخين، سواء باستخدام السجائر أو الشيشة أو غيرهما يؤدي إلى الأمراض المزمنة المستعصية على العلاج، ومن أخطرها السرطان، وأن التدخين يعد على المستوى الدولي من الأسباب الرئيسة للموت المبكر، وبالتالي فإن قتل التدخين للإنسان ليست مسألة فيها نظر، أو قضية مشكوك في نتائجها وغير محسومة، فحتى شركات السجائر والتدخين الآن استسلمت في دفاعها عن هذه المسألة ورفعت الراية البيضاء.

والدراسات حول التدخين، والتي بدأت منذ مطلع الخمسينيات من القرن المنصرم لا تنتهي، وكل دراسة تكتشف بعداً خطيراً جديداً للتدخين على صحة الفرد والمجتمع، وكل دراسة جديدة تؤكد على صحة ومصداقية نتائج الدراسات السابقة.

وآخر هذه الأبحاث ما نُشر في المجلة الطبية المرموقة دولياً وهي مجلة اللانست The Lancet” في العدد الصادر في يناير 2013 تحت عنوان “دراسة الأمراض على المستوى الدولي” (The Global Burden of Disease Study)، وهي دراسة شاملة تُجرى بشكلٍ دوري، وتهدف إلى التعرف على الأمراض الرئيسة التي تؤدي إلى الموت المبكر للإنسان على مستوى دول العالم، إضافة إلى تحديد أهم المخاطر المستجدة التي تضر وتهدد الأمن الصحي للإنسان، وتعد هذه أكبر دراسة منهجية وموثوقة على المستوى الدولي تبحث في مجال المخاطر التي تتعرض لها صحة البشر.

فالدراسة التي غطت فترة زمنية طويلة من عام 1990 إلى 2010، وتتكون من سبع دراسات فرعية، قامت بتحديد 67 عاملاً يهددون صحة البشر، حيث أفادت أن العامل الأول الذي يسبب موت البشر هو ارتفاع ضغط الدم ويصل عدد ضحايا هذا المرض إلى زهاء 9.4 مليون إنسان، في حين أن التدخين جاء في المرتبة الثانية ويتحمل مسؤولية قتل 6.3 إنسان في عام 2010.

كما أن هذه الدراسة التي فحصت 291 مرضاً، أشارت إلى التغير في أنماط الأمراض المهلكة التي تنزل على الإنسان، ففي العقود الماضية كانت المخاطر الصحية تنجم عن الأمراض المعدية، وسوء التغذية، ومخاطر الولادة وموت الأطفال، ولكن اليوم يتربع مرض السرطان وأمراض القلب على عرش أهم الأمراض المؤدية إلى موت الإنسان.

ولذلك فإن نتائج واستنتاجات هذه الدراسات الدامغة، ومثيلاتها من الدراسات التي لا يمكن عدها وحصرها، من المفروض أن تتحول إلى “سياسات” على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وهذه السياسات يجب أن تنعكس على هيئة إجراءات وقائية تتخذها الدول لتُجَنب شعوبها المخاطر الصحية التي تنجم عنها الأمراض المزمنة وتؤدي إلى الموت المبكر للبشر.

ومن هذا المنطلق فإنني أكرر دعوتي إلى تبني مملكة البحرين لشعار  بحرينٌ بدون تدخين” أو “بحرينٌ بدون سجائر”، لما فيه مصلحة الشعب وبيئته، ودرء لمفسدةٍ عظيمة تغلغلت في مجتمعنا.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق