الجمعة، 18 يناير 2013

فرانكنشتاين



فرانكنشتاين”(Frankenstein عنوانٌ لروايةٍ قديمةٍ مشهورةٍ جداً حتى يومنا هذا، كتبتها المؤلفة البريطانية ماري شيلي في 1818، وصدرت منه العديد من الطبعات منذ ذلك الوقت، وهذه الرواية العنيفة والمخيفة تتحدث عن مخلوقٍ وحشي غريبٍ وعملاق تَكَون في المختبر عن طريق الخطأ، واليوم أُطلقُ عنوان هذه الرواية التاريخية العتيقة على سمكة السالمون الضخمة التي تم التلاعب في جيناتها الوراثية لتلد أسماكاً وحشية كبيرة الحجم كالفرانكنشتاين.  
   
فقد قام العلماء بتعديل وهندسة جينات أسماك السالمون لينمو بشكلٍ أسرع وأكبر من السمك الطبيعي العادي، بحيث أصبحت هذه الأسماك الفرانكنشتاينية أكبر مرتين وأسرع من ناحية النمو، وهذه العملية المتمثلة بتغيير الجينات الطبيعية للأسماك وغيرها من الكائنات الحية النباتية والحيوانية مثار جدلٍ واسع بين العلماء من مختلف تخصصاتهم وتوجهاتهم، فمنهم من يقول بأنها عملية سليمة من الناحيتين البيئية والصحية، ومنهم من يعترض على إحداث أي تعديلٍ في جينات الكائنات الحية والتدخل في كينونتها التي خلقت عليها.

وهذا الجدل المحتدم بين العلماء انعكس بشكلٍ مباشر على سياسات الدول وقراراتها من حيث السماح، أو منع إنتاج مثل هذه الكائنات الحية غير الطبيعية وبيعها على الناس.

فالنسبة لسمكة السالمون الفرانكنشتاينية، فقد أفادت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية(FDA) بأنها غير مضرة لصحة الإنسان، ولذلك تسمح بتسويقها على الناس، أما روسيا واليابان فتحظران بيع مثل هذه الأسماك وتؤكدان عدم سلامتها للاستهلاك البشري.

وفي تقديري، فإن عملية هندسة جينات الكائنات الحية بشكلٍ عام تعتبر من العلوم الحديثة جداً ومن الإجراءات العلمية المستجدة، ولا يمكن التأكد من سلامتها، وبخاصة تلك المتعلقة بغذاء وطعام الإنسان أو التوازن البيئي، من خلال التجارب المخبرية قصيرة المدى على الفئران وغيرها من حيوانات التجارب، حيث إن التأثيرات الصحية والبيئية لا تنكشف على الإنسان ومكونات البيئة إلا بعد عقودٍ من الزمن، وقد يكون إثباتها علمياً بأدلة دامغة صعبة جداً.

ولذلك فإنني أحذر من التسرع والاستعجال في السماح لتسويق مثل هذه الكائنات والمنتجات الغريبة وبيعها على المواطنين، فالتاريخ أكد لي أن الكثير من المنتجات التي تم تسويقها بأنها سليمة على الإنسان والبيئة، تحولت الآن إلى طامة كبرى وكارثة بيئية وصحية لا يمكن التخلص منها، والأمثلة على ذلك لا تُعد ولا تحصى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق