الأحد، 27 يناير 2013

الأطعمة العضوية: هل هي أفضل من غيرها؟


في السنوات القليلة الماضية بدأنا نسمع ونقرأ عن مصطلحٍ جديد دخل علينا من خلال وسائل الإعلام وغزا عقولنا عن طريق الشركات الزراعية والصناعية والغذائية، ولم يكن هذا المصطلح موجوداً من قبل في قاموس المصطلحات البشري، وهو مصطلح، أو عبارة الطعام العضوي”، أو الزراعة العضوية”، أو الوجبة العضوية، وجميعها يصب في مفهومٍ واحد، أو فكرة واحدة.

فهذا المصطلح يعني أن المنتجات الغذائية والزراعية التي تطرحها الشركات في الأسواق لا تحتوي على مواد كيميائية خطرة، أو ملوثات صناعية مُهلكة للحرث والنسل، فهي بالتالي غير مضرة لصحة الإنسان ولا تؤثر على سلامة مكونات البيئة من حياة فطرية وماءٍ وهواءٍ وتربة. فهذه المنتجات، وبخاصة المحاصيل الزراعية من خضروات وفواكه، لا تدخل فيها المواد الكيميائية التي تُستخدم عند زراعة المحاصيل بالطرق المعروفة حالياً. فلا تُستعمل فيها المبيدات بشتى أنواعها، كمبيدات الأعشاب والحشرات والطفيليات والفطريات وغيرها، كما لا تُستخدم في إنتاجها الأسمدة الكيميائية غير العضوية مثل اليوريا والفوسفات والنيترات والأمونيا. ولذلك فهي مُنتجات طبيعية خالصة، تُزرع في تربة سليمة وصحية، وتروى بمياه نقية خالية من الملوثات، وتُقدم لها الأسمدة العضوية من مخلفات الحيوانات والطيور وغيرهما، ولذلك فإن هذا النوع الجديد من الزراعة “العضوية” يَتَجَنبُ كافة أنواع الأسمدة والمبيدات التي تُهلك الإنسان والحياة الفطرية قبل أن تقضي على الآفات والحشرات المرضية.

وعلاوة على ذلك، فإن الزراعة العضوية تعني أيضاً استخدام أدوات ومعدات ومحركات لا تنبعث عنها ملوثات تؤثر على صحة الإنسان وتدهور الهواء الجوي من الناحيتين النوعية والكمية، إضافة إلى استخدامها لمصادر الوقود النظيف، أو الوقود المتجدد الذي يحافظ على الموارد الطبيعية وثروتها ولا ينطلق منه ملوثات تؤدي إلى التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض.
 
وهذا بلا شك أمر مطلوب ومرغوب فيه لحماية صحة الإنسان والحياة الفطرية واستدامة حياتنا على سطح الأرض، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هناك اختلافات وفروق جذرية بين الزراعة التقليدية المتبعة حالياً، وأنواع الزراعة التي تدَّعي بأنها عضوية؟

من أجل الإجابة عن هذا السؤال رجعتُ إلى دراسة علمية نَشَرتها جامعة ستانفورد الأمريكية المشهورة في مجلة اسمها دورية الطب الباطني(Annals of Internal Medicine) تحت عنوان: “هل الأطعمة العضوية أكثر سلامة وصحة من الأطعمة التقليدية البديلة؟ مراجعة منهجية”. فقد قامت هذه الدراسة بإجراء مراجعةٍ عامةٍ وحصر للدراسات العلمية المنشورة حول الفوائد والايجابيات الصحية والغذائية من تناول الأطعمة العضوية مقارنة بالأطعمة غير العضوية، وخلصت الدراسة بعد مراجعة وتحليل أكثر من 250 بحثاً علمياً بعدم وجود فروق كبيرة وملموسة بين النوعين، كما أن الدراسة أفادت بأن الاعتقاد السائد عند الناس أن الأطعمة العضوية أفضل من الناحية الصحية وأكثر قيمة غذائية غير دقيق، ولكن بالرغم من هذا الاستنتاج إلا أن الدراسة أشارت إلى أن تناول الوجبات العضوية قد يخفض من احتمال التعرض للمبيدات والبكتيريا.

وفي تقديري ومن خلال تجاربي وخبراتي البسيطة، فإنني أرى أن الشركات التي تُصَنِّع وتُنتج الأطعمة العضوية، لو صَدَقَتْ في إدعاءاتها وممارساتها اليومية الميدانية وقامت بتجنب استعمال المبيدات والأسمدة الكيماوية، فإن منتجاتها ستكون حتماً أفضل من الناحية الغذائية والصحية والبيئية من المنتجات الزراعية التي تستخدم المواد الكيماوية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق