الاثنين، 8 أبريل 2013

قنبلة في بطن الإخطبوط


تخيل أنك اشتريتَ سمكة من السوق، ثم أخذتها إلى المنزل لتنظيفها وطبخها، وإذا بهذه السمكة أثناء سلخها وقطعها وتنظيفها تنفجر في وجهك فتؤدي إلى هلاكك ومن معك في المنزل وإنهاء حياتكم على سطح الأرض في لحظة واحدة.

فهل هذه الحالة من الممكن أن تحدث في أرض الواقع، فنراها أمامنا ونشاهد تداعياتها المميتة، أم أنها من الروايات الخيالية والأفلام المرعبة التي تنتجها هوليوود؟

 هذه الحالة بالذات ليست من نسج الخيال، أو القصص الروائية التي لا يمكن أن تحدث في واقعنا اليومي، فقد كادت هذه الحادثة أن تقع في الصين، وبالتحديد في 25 مارس من العام الجاري في سوق السمك في مدينة جياولينج(Jiaoling) في مقاطعة جوانج دونج(Guangdong province) الواقعة جنوب الصين. 

فقد كان أحد بائعي الأسماك في السوق في ذلك اليوم يقوم كعادته في كل دقيقة من كل يوم بتنظيف أحد أنواع الإخطبوط لزبونٍ يقف أمامه ينتظر أن يأخذ السمكة معه إلى البيت، وإذا بهذا السماك يتفاجأ ويندهش، حيث إنه عندما أدخل السِّكِّين ليشق بطن الإخطبوط فيقطعه وينظف ما بداخله، فإذا بالسكين تصطدم بمادة صلبة وقوية لم يعهدها من قبل، وعندما أدخل يده ليرى ما هذه المادة الصلبة الغريبة التي تقف عائقاً أمام سكينه الحادة، فإذا به يستغرب من وجود جسمٍ معدني غريب ومشبوه قد أصابه الصدأ، طوله نحو 8 بوصات ووزنه قرابة كيلوجرامين، لم يره من قبل في بطن مثل هذه الأسماك التي ينظفها كل يوم.

فأمسك هذا البائع المسكين بهذا الجسم المشبوه في يده، واتصل بالشرطة ليفحصوه ويعرفوا هويته، ولم يعلم هذا البائع أنه يمسك بأجله في يديه، فقد كان يضع يديه على قنبلة حية قد تنفجر في أية لحظة فتؤدي إلى هلاكه أولاً ومن يقف أمامه، وجرح العشرات الآخرين بجواره، ولكن أَجَلَ هذا السماك الفقير لم يحن بعد، فلحسن حظه أن القنبلة لم تنفجر.

وبعد أن علم الجميع بالخبر وانتشر عبر وسائل الإعلام، شاع الذعر والخوف في السوق بين البائعين والمشترين، فهرب الجميع من سوق السمك وتركوه مهجوراً، وكأنهم حُمُرٌ مُستنفرة فرَّتْ من قَسْورة، فأخذت الشرطة هذه القنبلة لتفجيرها يدوياً وبطريقة آمنةٍ عن بعد.

وجدير بالذكر أن مثل هذه الحالة قد وقعت في عام 2007 عندما تم اكتشاف قنبلة قديمة في بطن أحد أنواع الحوت، كانت قد ألقيت من الطائرات الحربية أثناء الحرب فاستقرت في قاع البحر حتى التهما الحوت ووصلت إلينا في نهاية المطاف.

هذه الحالة المخيفة تذكرني بمقالات سابقة كتبتها مؤخراً حول مخلفات الحروب التي تبقى خالدةً مخلدة في بيئتنا، وترجع إلينا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، ولو بعد حين. فمخلفات الحرب العالمية الأولى والثانية، وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً على انتهائهما، مازالت موجودة أمامنا وتكشف عن نفسها بين الحين والآخر، كما أن مخلفات الحروب المؤسفة التي مَرَّت علينا في الخليج مازالت موجودة أيضاً وبعضها جاثم في قاع البحر تنتظر نحبها.

كذلك فإن هذه الحالة التي قصصتها عليكم اليوم تنبهنا إلى خطورة المخلفات التي نلقيها في البر والبحر، سواء أكانت مخلفات بلاستيكية، أو ورقية، أو عبوات زجاجية، فهذه جميعها تلتهما الحيوانات البحرية والبرية فتؤدي إلى انسداد أجهزتها وفناء حياتها، كما حدث للإخطبوط الذي التهم القنبلة ظناً منه أنها وجبة دسمة يقمن صلبه ويسد جوعه.

ولذلك من الأولى والأجدر أن ندير المخلفات بأسلوب علمي وبيئي سليمين لأنها ترجع إلينا مرة ثانية فتؤثر على أمننا الصحي والبيئي، ولو بعد حين، وبطريقة لا تخطر على بالك أبداً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق