الثلاثاء، 2 أبريل 2013

الحياة الفطرية توحد الأعداء

العَدوان اللدودان التقليديان، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، نادراً ما يتفقان على الرؤى والحلول في إدارة القضايا التي تهم البلدين، فالخلاف عادة هو العُرف العام المشترك بين البلدين، وهو سيد الموقف.

ولكن اليوم وفي حالة نادرة من نوعها، تتفق وتتقاطع مصالح أمريكا وروسيا، فتتوحدان على إدارة قضية محددة يشترك الاثنان في حلها، وهي قضية بيئية، وبالتحديد حماية نوعٍ من أنواع الحياة الفطرية البرية النادرة والمهددة بالانقراض وهو الدب القطبي الأبيض.

فهذا الحيوان الجميل والوديع في منظره وهيئته، يعيش في عدة دول في المناطق القطبية المتجمدة الشمالية، منها كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والنرويج، وجرينلاند، ولكن الدولة الوحيدة في العالم التي تسمح بصيد هذا النوع من الدب النادر وقتله والاتجار في كافة أعضائه والمنتجات التي تصنع منه كالجلد والأنياب والمخالب هي كندا.

ولذلك من أجل منع، أو تقنين هذا الإجراء الكندي الذي يسمح بصيد الدب، وبالتالي حماية هذا الحيوان الفريد من نوعه ورعاية مصالحه ومنعه من الانقراض على المستويين المحلي والدولي، اتحدت أمريكا وروسيا ضد كندا، وأعدتا مذكرة رسمية رُفعت إلى منظمات الأمم المتحدة المعنية بحماية الحياة الفطرية البرية والبحرية والاتجار فيها.

وكان مسرح الصراع بين أمريكا وروسيا من جهة، وكندا من جهة أخرى هو مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الاتجار في الكائنات المهددة بالانقراض والمعروفة دولياً بـ السايتيس، والذي عقد مؤخراً في تايلندا. فقد احتدم الخلاف بين الطرفين على هذه القضية، وكل جهةٍ استخدمت كافة قواها العقلية والجسدية، ووضعت جميع أدلتها أمام المشاهدين من الدول الأعضاء لإقناعهم بوجهة نظرها وكسب أصواتهم. فالفريق الأمريكي والروسي يدعي بأن الصيد المسموح في كندا غير مستدام، ويؤدي مع الزمن إلى تدهور أعداد الدب، ويفيد بأن الدراسات العلمية تؤيد بأن الصيد الجائر في كندا وهذا الاتجار في منتجات الدب ينجم عنه في نهاية الأمر إلى انقراضه، في حين أن الفريق الكندي كندا لا يتفق مع هذا الرأي، ويقول بأن الأدلة العلمية غير كافية لإثبات وجهة نظر الفريق الآخر.

وبعد مشاهدة الصراع حياً بين الفريقين، والاستماع إلى الأدلة المـقدمة منهما، جاء الحَكَمْ ممثلاً في الدول الأعضاء في الاتفاقية للتصويت على حل هذا النزاع البيئي القائم بين الفريقين، وكانت النتيجة النهائية لجولات الصراع والنقاش هي لصالح كندا ضد أمريكا وروسيا، وبفارقٍ بسيطٍ جداً في الأصوات.

وربما هذه الحالة تفيدنا نحن في دول الخليج خاصة، والدول العربية الإسلامية عامة، في ضرورة الدفاع عن القضايا التي تهم مصالح دولنا في الاجتماعات الدولية وتوحيد صفوفنا ومرئياتنا قبل الولوج فيها، حتى ولو كان الخصم من أقوى دول العالم وأكثرها نفوذاً. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق