السبت، 1 يونيو 2013

بين بِرَكْ السباحة وعين عذاري


كُنَّا في الماضي السعيد عند حلول فصل الصيف الطويل،وأوقات القَيْظ المتعبة، واشتداد الحر ونزول الرطوبة على أجسادنا، نأخذ أمتعتنا وطعامنا فنذهب جميعاً في رحلة ممتعة وشيقة لا أنساها أبداً قد حفرت في ذهني، ونقشت في ذاكرتي مُتجهين إلى عين عذاري، وفي الطريق نُنشد معاً فنقول:إن جاء حَرُ الدار رُحنا إلى عذاري، والآن والحسرة تملأ قلوبنا على هذا الماضي السعيد والبسيط لا توجد عين عذاري لنتمتع بمائها العذب الزلال السائغ شرابها، ونقاء لونها وصفائها، وبرودتها المنعشة، فنضطر إلى الذهاب إلى برك السباحة التي لا نعرف مدى صحة مائها ونقاوتها، ومدى خلوها من الأمراض والمواد الكيميائية الضارة.

وظاهرة صحة وسلامة برك السباحة ليست في البحرين فحسب،وإنما هي ظاهرة عالمية يتصدى لها المعنيون في شؤون الصحة والبيئة على حدٍ سواء في جميع أنحاء العالم وبخاصة برك السباحة العامة المفتوحة أمام الجميع، سواء التابعة للحكومات أو الأندية الخاصة التي يستحم فيها الأعضاء بالنادي فقط،كما كَثُرتْ في السنوات الماضية الأبحاث العلمية الميدانية التي تتطرق إلى الجوانب الصحية والبيئية للسباحة في برك السباحة، وكشفت هذه الأبحاث عن مظاهر لا يتوقعها الإنسان أن تكون موجودة في هذه البرك، وأكدت على وقوع الكثير من الحالات المرضية الحادة بسبب الاستحمام في برك السباحة غير الصحية.

وآخر هذه الدراسات تلك المنشورة في مايو 2013 في مجلة أمريكية اسمها التقرير الأسبوعي حول الأمراض والأموات(Morbidity and Mortality Weekly Report) وقام بها المركز الأمريكي للتحكم في الأمراض حول وجود الجراثيم والميكروبات المسببة للأمراض في بعض برك السباحة العامة والخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.

فقد قامت هذه الدراسة بجمع عينات من مياه برك السباحة الخاصة والعامة في مدينة أتلنتا بولاية جورجيا، وأُجريت عليها التحاليل الخاصة بالتلوث الحيوي في هذه البرك من حيث وجود البكتيريا والفيروسات. وقد جاءت النتائج مذهلة ومخيفة في الوقت نفسه، حيث أكدت على أن أكثر من59% من العينات كانت ملوثة بنوعٍ من البكتيريا يُطلق عليه بالبكتيريا البرازية(E. coli)، واكْتِشافُ هذا النوع من البكتيريا في عينات المياه يدل دلالة قاطعة على وجود مخلفات بشرية، من براز، أو بول في هذه العينات، أي أن أكثر من نصف العينات التي جُـمـِعت من برك السباحة كانت ملوثة وتحتوي على مخلفات الإنسان، كما أكدت نتائج الدراسة على أن عينات المياه من برك السباحة العامة أشد تلوثاً بالمخلفات البشرية من برك السباحة الخاصة.

وعلاوة على ذلك فإن مياه برك السباحة تحتوي على مركبات سامة وتسبب السرطان للإنسان، حيث إن عنصر الكلورين المـُضاف إلى مياه برك السباحة من أجل التعقيم وقتل الكائنات الدقيقة الخطرة، يتفاعل مع المخلفات العضوية وعنصر النيتروجين الموجودان في العَرق والبول والبراز مُكوناً مركبات خطرة ومسرطنة مثل أحادي أو ثنائي أو ثلاثي كلور الأمين، كما أن هذه المركبات شديدة التطاير فتتبخر ويتعرض لها الإنسان أثناء السباحة، أو أثناء وجوده في منطقة بركة السباحة فيصاب بمشكلات في الجهاز التنفسي، أو الحكة في الجلد والعينين، أو التهاب الأعضاء، أو الإسهال والغثيان، وهناك الكثير من الدراسات التي وثَّقَت مثل هذه الحالات المرضية عند مرتادي البرك. 

وإذا كانت هذه هي حالة برك السباحة في دولة متقدمة ومتطورة من ناحية النظافة العامة كالولايات المتحدة الأمريكية، فماذا سيكون وضع هذه البرك في دولنا؟

ولذلك من أجل تجنب المشكلات الصحية التي تصاحب السباحة في البرك، فإنني أُقدم النصائح التالية:
أولاً: الاستحمام قبل الدخول في البركة.
ثانياً: عدم استخدام البركة عند الإصابة بأي مرضٍ معدي.
ثالثاً: التعقيم العلمي السليم، من حيث تركيز الكلورين في الماء ونسبة الأس الهيدروجيني أو نسبة قلوية وحمضية الماء.
رابعاً: ملاحظة صفاء ونقاوة الماء بالعين المجردة، فهي مؤشر على سلامة المياه ونظافتها.
خامساً: غسل اليدين بالصابون بعد استخدام الحمام.
سادساً: عدم شرب الماء.
سابعاً: تجنب السباحة في البرك المغلقة كلياً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق