الثلاثاء، 25 يونيو 2013

مفاوضات ثلاثية

عندما نقرأ أو نسمع عن مفاوضات ثنائية أو ثلاثية تُعقد بين الدول فيتبادر إلى الذهن دائماً مفاوضات على قضايا أمنية، أو سياسية، أو مناطق حدودية متنازع عليها بين هذه الدول.

ولكن عندما التَقَتْ وفود حكومية رسمية رفيعة المستوى من ثلاث دول هي اليابان، وكوريا الجنوبية، والصين في مدينة كيتاكيوشو(Kitakyushu) في مقاطعة فوكوكا(Kitakyushu) اليابانية لم يكن من أجل مناقشة القضايا التقليدية المتعارف عليها، بالرغم من وجود قضيةٍ عالقة ومتنازع عليها منذ سنوات بين اليابان والصين وهي تبعية وملكية جزر دياويو(Diaoya islands) أو جزر سنكاكو (Senkaku Islands)، ولكن محور الحديث في هذا الاجتماع الثلاثي انصب على الجانب البيئي، وجاءت هذه الوفود وتحملت أعباء ومشقة السفر من أجل قضية حدودية بيئية تشترك في حلها وعلاجها هذه الدول.

وقد دَعتْ اليابان إلى عقد مثل هذا الاجتماع البيئي المشترك لأنها هي المتضرر الرئيس من تداعيات هذه القضية وهي التي تعاني منها منذ سنوات، حتى بلغت التهديدات للبيئة والشعب الياباني ذروتها، مما اضطرتها إلى التحرك نحو علاج هذه القضية من جذورها.

فأزمة المدن الصينية الكبرى من تدهور نوعية الهواء لا تخفى على أحد، والانعكاسات السلبية الضارة على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين في الصين باتت جلية وواضحة وتحدثتُ عنها في مناسبات كثيرة، ولكن هذا الضرر البيئي والصحي لم يقتصر على المدن الصينية وعلى الحدود الجغرافية للصين، وإنما انتقل هذا التلوث البيئي للهواء الجوي إلى خارج الحدود الصينية وأثر على الدول المجاورة بشكلٍ مباشر، وبخاصة المدن اليابانية الواقعة على الحدود مع الصين كمدن مقاطعةكوماموتو(Kumamoto Prefecture)، حتى إن أجراس الإنذار البيئية صاحت عدة مرات في هذه المدن محذرة المواطنين من الخروج من منازلهم وممارسة الأنشطة خارج المنزل أو المكتب بسبب تلوث الهواء القادم من الصين.

ولذلك فإن هذه القضية البيئية الصحية الحدودية لا تقل أهمية وخطورة عن القضايا السياسية والأمنية لأنها مرتبطة بشكلٍ مباشر بالأمن الصحي للإنسان، فكان لا بد من اليابان من أن تتدخل في الشؤون البيئية الصينية الداخلية عبر القنوات الرسمية الدبلوماسية للتفاوض حول كيفية علاجها.

فهذه الحالة تعلمنا كيف نتعامل مع المشكلات البيئية التي تؤثر علينا والتي يكون مصدرها الدول المجاورة، وذلك من خلال استخدام آلية المفاوضات المباشرة، أو آلية الاتفاقيات الثنائية أو الثلاثية أو الإقليمية، وربما نحتاج إلى هذه الآليات الدولية في تعاملنا مع التداعيات المحتملة من المفاعل النووي الإيراني في بوشهر. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق