الخميس، 22 مايو 2014

زيارة وزير الدفاع الأمريكي وفيروس كورونا



جاء وزير الدفاع الأمريكي شك هيجل(Chuck Hagel) مؤخراً إلى جده بالمملكة العربية السعودية ليُطَمْئِنَ وزراء الدفاع والداخلية في دول مجلس التعاون في الاجتماع التشاوري الأول لمجلس الدفاع المشترك بشأن المفاوضات الجارية بين أمريكا والدول الأوروبية من جهة، وإيران من جهةٍ أخرى حول البرنامج النووي الإيراني والاتفاق الذي تم توقيعه مؤخراً بين الطرفين، فاحتاج هو شخصياً إلى من يُطَمْئِنَه ويُريح باله على أمنه الصحي وسلامته.

فقد كانت زيارة الوزير الأمريكي في وقت حرجٍ جداً، اشتعلت فيه نيران أزمةٍ صحيةٍ حادة في المملكة العربية السعودية بشكلٍ خاص، وتمثلت في ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا(coronavirus) السفاح القاتل والمرض الذي يصيب الإنسان جراء التعرض له، والذي يُطلق عليه بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية(Middle East Respiratory Syndrome)، واختصارها ميرس(MERS-CoV).

فمن أجل أن يَطْمَئِنْ وزير الدفاع الأمريكي على صحته ووقايته من الإصابة بالمرض، تلقى عناية خاصة وكشفاً صحياً دقيقاً، ليس لشخصه والوفد المرافق له فحسب، وإنما لكل من اجتمع به من المسئولين السعوديين وغير السعوديين، فقد خضع جميع الداخلين لقاعة المؤتمرات لاختبارات الكشف عن فيروس كورونا، كما اضطر الجميع بدون استثناء من المرور أمام جهازٍ خاص يقيس ويسجل درجة حرارة الجسم وما إذا كان مصاباً بالحمى وارتفاع درجة الحرارة، وبعد أن اجتاز الجميع هذا الامتحان الصحي، اطْمَئن قلب الوزير الأمريكي، ثم بعد ذلك طَمْئَنَ الجميع عن البرنامج النووي الإيراني، وأكد لهم عدم التخوف من إمكانية امتلاك إيران للسلاح النووي أو القنبلة الذرية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى.   

وفي الحقيقة فإنني لا ألوم تخوف وقلق الوزير الأمريكي والفريق المرافق له، فهذا المرض معدي وخطير ويؤدي إلى هلاك الإنسان في نهاية المطاف، فقد وقع ضحية هذا المرض منذ أن تم اكتشافه في أبريل عام 2012 وحتى كتابة هذه السطور 571إنساناً على المستوى العالمي، لقى نحبه منهم 171،معظمهم من السعودية، حيث بلغ العدد في المملكة العربية السعودية 157، كما ارتفع عدد الدول التي ظهر فيها المرض إلى 18 دولة، آخرها في الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا، وجميع المصابين بالمرض كانوا قادمين من السعودية.

ومن أجل الوقوف عن كثب على آخر الحقائق والمستجدات المتعلقة بالمرض من حيث كيفية انتشاره، وعدد المصابين به، وطرق علاجه، عَقَدتْ منظمة الصحة العالمية اجتماعاً للخبراء في 14 مايو، وبعد الانتهاء من الاجتماع أعلنت بأن المرض في هذه المرحلة لا يُعد قضية "صحية عالمية طارئة"، ولذلك لم تُعلن منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ على المستوى الدولي، وذلك لأن الأبحاث والحالات الميدانية في المستشفيات لا تُفيد بأن المرض ينتقل بسهولة وسرعة بين بني البشر من خلال التنفس والهواء الجوي المحيط بالمريض، فلا توجد أدلة دامغة وقوية على ذلك.

فكل الدراسات الطبية التي أجريت على فيروس كورونا وطرق انتقاله إلى الإنسان، ثم إلى الناس الآخرين تؤكد على أن هذا الفيروس ينتقل إلى الإنسان عن طريق الجمال، حيث تمكن الباحثون في أمريكا والسعودية من اكتشاف وفصل هذا الفيروس وهو على قيد الحياة من عينات من الأنف من جـِمال تعيش في السعودية، ثم تم إجراء التحاليل الجينية التفصيلية على هذا الفيروس، وتبين أن هناك الآلاف من الأنواع الأخرى المستخلصة من هذا الفيروس والمنتشرة بكثافة عالية في الجمال، ومنها نوع يتطابق مع فيروس تم اكتشافه وفصله من أحد المرضى، مما أكد لدى الباحثين أن الجمال تعتبر من المصادر الرئيسة لفيروس كورونا وهي التي نقلت الفيروس إلى الإنسان.

وعلاوة على هذا الاستنتاج، فقد أكد العلماء أن الفيروس لا ينتقل بسهولة من المريض المصاب إلى الآخرين، إلا من خلال التعامل المباشر مع المريض، ولذلك معظم المصابين بالمرض هم من العاملين في القطاع الصحي. ونتيجة لذلك فقد أوصت الجهات المعنية على ضرورة التحكم في منع نقل المرض من المستشفيات والمراكز الصحية من خلال أخذ كافة مستلزمات الحذر والحيطة الشديدة من قبل العاملين من أطباء وممرضين وعمال في القطاع الصحي. كما دعت هذه الجهات كافة الناس إلى تجنب مخالطة الجِمَال والابتعاد عن أماكن تجمعها، إضافة إلى عدم شرب حليب الجمل أو لحمه النيئ إلا بعد غليانه وطبخه جيداً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق