السبت، 31 مايو 2014

عجباً لمنطق التجار


استغربتُ كثيراً وأصابتني الدهشة الشديدة من تصريح بعض التجار ورجال الأعمال في البحرين حول موضوع احتمال قيام الحكومة البحرينية برفع الرسوم، أو فرض ضرائب جديدة على منتجات التبغ، وبالتحديد السجائر، حيث قال أحدهم بأن القطاع التجاري هو الخاسر الأكبر من جراء زيادة الرسوم، وأن رجال الأعمال سيخسرون مالياً نتيجة لهذه الإجراءات الجديدة. 

 

فالواضح جلياً من هذه التصريحات أن بعض التجار لا يهمه إلا الكسب الكبير والسريع، والوصول إلى الثراء الفاحش على حساب أي شيء مهما كانت أهميته وخطورته، فلا يعنيهم أي أمر سوى جمع المال وكنزه بأي طريقة كانت، ومن أي مصدرٍ كان هذا المال، فلم يُفكروا في الأعداد المهولة من البشر الذين يستغيثون في المستشفيات بسبب الأمراض التي نزلت عليهم من التدخين، ولم يعطوا أي اعتبار للموتى من الشباب وغيرهم الذين يسقطون ويقضون نحبهم في كل ثانية على المستوى الدولي نتيجة للتعرض للسموم والمواد المسرطنة التي تنبعث من السجائر، ولم يحسبوا الخسائر المالية العظيمة التي تتكبدها الدولة وتتحملها سنوياً لعلاج المرضى من التدخين، أو لموت الشباب وضياع الإنتاجية وعرقلة التنمية الاقتصادية في البلاد.

 

ولكي أؤكد على خطورة التدخين بكل أنواعه وأشكاله، أريد هنا فقط أن أُذكر إخواني التجار ورجال الأعمال وأُلفت عنايتهم الكريمة إلى الاستنتاجات والحقائق العلمية والميدانية التي توصلت إليها منظمة الصحة العالمية حول الانعكاسات الصحية السلبية التي تنجم عن التدخين للمدخن نفسه ولغير المدخن، وهي كما يلي:

 

أولاً: هناك أكثر من 4000 مادة كيميائية تنطلق من حرق السجائر، منها 400 مادة معروفة بخطورتها على الإنسان، ومنها مواد مُشعة، ومنها 60 مادة تسبب السرطان، ليس للمدخن فحسب، وإنما لكافة الجالسين حوله، أو بالقرب منه، إضافة إلى أن الملوثات التي تنبعث من التدخين تبقى في المنزل أو السيارة أو المكتب، حيث إن الأثاث والجدار وغيرهما يمتصان ويتشربان الملوثات فتبقى فترة طويلة جداً في تلك المواقع ويتعرض لها الإنسان طوال تلك الفترة.

ثانياً: وصَفتْ منظمة الصحة العالمية التدخين بأنه أكبر وباءٍ صحي وأكبر تهديدٍ للصحة العامة تواجهه البشرية.

ثالثاً: التدخين يقضي سنوياً على 6 ملايين إنسان، منهم 5 ملايين نتيجة للتدخين المباشر، أي إنسان واحد كل ست ثوان، إضافة إلى قتل أكثر من 600 ألف نتيجة للتدخين القسري أو التدخين الإجباري وهم الذين يجلسون مع أو بالقرب من المدخنين، كما أن تقديرات المنظمة تُفيد بأن قرابة 8 ملايين سيموتون بحلول عام2030، إذا لم يقم المجتمع الدولي من ناحية وكل دولة في حد ذاتها بالمواجهة الحاسمة لهذا الوباء الصحي العام.

رابعاً: تفيد الإحصاءات الميدانية أنه في القرن العشرين مات زهاء مائة مليون إنسان بسبب التدخين، والمتوقع أن يزيد هذا العدد ويرتفع بشكلٍ مشهود ليصل إلى بليون مع نهاية القرن الحالي.

خامساً: التدخين يؤدي إلى الإصابة بثلاثين نوعاً من الأمراض الفتاكة التي تُعَجِّل وتسرع من وصول أَجَلْ الإنسان وتدخله في القبر مبكراً. فالتدخين يسبب سرطان الرئة، وسرطان القولون، والكبد، والمثانة، والعنق، والثدي، ومرض السكري من النوع الثاني، والسل، وضعف الجهاز المناعي، وأمراض والتهابات المفاصل، وفقدان البصر، وأمراض القلب المختلفة، والسكتة القلبية، إضافة إلى الولادة المبكرة وانخفاض وزن الجنين وولادة أولاد معوقين ومشوهين خَلْقياً بالنسبة للمرأة الحامل التي تدخن، أو التي تتعرض بشكلٍ مستمر للملوثات التي تنطلق من المدخنين أثناء الجلوس معهم.

 

فهل بعد هذه الأرقام الصادرة من منظمة الصحة العالمية، مازال التجار ورجال الأعمال يرفضون رفع الرسوم على السجائر، ويريدون الربح وجني المال من أشلاء الضحايا ومن وراء الاتجار بهذا القاتل الجماعي وسلاح الدمار الشامل؟ 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق