الاثنين، 2 مارس 2015

هواء العاصمة الصينية غير قابلٍ للحياة!


"هواء العاصمة الصينية بكين غير قابل للحياة"، أو بعبارة أخرى هواء العاصمة الصينية لا يمكن العيش فيه بالنسبة للإنسان.

 

هذه التصريحات لم تأت من ناشطٍ بيئي، أو أكاديمي يـُجري دراسات في الجامعات ومعاهد الأبحاث، وإنما هذه التصريحات الخطيرة التي تُشوه سمعة العاصمة الصينية، وقد تؤثر على الاستثمار والنمو الاقتصادي وتمنع تشجيع الكفاءات في العمل في الصين، جاءت على لسان مسؤول صيني حكومي رفيع المستوى، وهو عُمدة المدينة وانج أنشن، عندما قال في 28 يناير من العام الجاري أن هواء بكين في الوقت الحالي لا يمكن العيش فيه.

 

فمن المعروف أن المسؤولين الصينيين الحكوميين شديدي  التحفظ في الإدلاء بأية تصريحات قد تكون سلبية عن حكومتهم وعن الوضع في الصين، سواء أكان الوضع السياسي، أو الأمني، أو الاقتصادي، أو البيئي، ولكن هذه التصريحات التي أدلى بها عُمدة العاصمة هي وصف لواقع بيئي وصحي مأساوي يشهده الجميع في العالم، سواء الذين يعيشون في الصين أو في خارج الصين، فتدهور الهواء الجوي وموت الناس بسبب تلوث الهواء أصبح ظاهرة لا يمكن إخفاؤها، وحالة يومية لا يمكن تجاهلها والسكوت عنها، فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وعدد الأيام التي تنعدم فيها الرؤية، وتنشل الحياة في شوارع بكين والمدن العريقة الأخرى في تزايد مستمر وملحوظ، ولذلك كان على المسؤول الصيني مواجهة هذا الواقع المؤلم للبيئة والشعب والمقيمين في الصين، والاعتراف بضرره على الاقتصاد والاستثمار وسمعة الصين.

 

والآن يـَحُقُ لي أن أتساءل: ما فائدة النمو الاقتصادي العظيم الذي حققه الصين في العقود الماضية إذا كان هذا النمو قد أنتج هواءً فاسداً لا يمكن أن يعيش فيه الإنسان ويسبب له الموت البطيء، وما فائدة هذا النمو الاقتصادي المشهود إذا ولَّد أنهاراً وبحيرات تحتضر لا روح فيها ولا حياة، وتسبب للإنسان الأمراض المستعصية التي لا يمكن علاجها، وما فائدة هذا النمو الاقتصادي الذي بلغ نحو 12% إذا كان سبباً في تلويث التربة الزراعية والمياه الجوفية بحيث أصبحت غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وما فائدة هذا النمو الاقتصادي الذي يُضْرب به المثل إذا أدى إلى ظهور جيلٍ من البشر سقيم وعليل لا يقوي على الإنتاج والعطاء؟

وقد أجاب على تساؤلاتي هذه الرئيس الصيني نفسه كساي جينبينج(Xi Jinping) عندما قال في 22 يناير من العام الجاري مشدداً على أن لا يكون النمو الاقتصادي على حساب البيئة ومصالحها اليومية: "وأنَّ علينَا أن نتعامل مع البيئة بالطريقة نفسها التي نحافظ فيها على حياتنا، وأن البيئة يجب أن لا تعاني من أجل النمو الاقتصادي".

 

فهذه الاعترافات الواضحة من المسؤولين الصينيين على كافة المستويات تؤكد لي أن التنمية التي لا تأخذ هموم البيئة في الاعتبار، ستكون فاشلة، ومردوداتها السلبية على المدى البعيد أكثر من ايجابياتها.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق