الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015

مُمثل أمريكي مشهور يسرق الماء!



هل يحتاج ممثلٌ قديم ومشهور يعرفه الجميع في هوليود ويمتلك الملايين من الدولارات لارتكاب جريمة بسيطة وتافهة بالنسبة له وتتمثل في سرقة الماء؟

فهذا الممثل وهو توم سيلك(Tom Selleck) ذلك الاسم اللامع والكبير في عالم السينما والتلفزيون المتهم بسرقة الماء وهو وزوجته، قَدَّم الكثير من الأفلام السينمائية إضافة إلى المسلسلات التلفزيونية التي استمرت سنوات طويلة من الزمن وشاهدتها أجيال من الأمريكيين وغير الأمريكيين، ، ويواجه الآن هذه التهمة المحرجة والغريبة في الوقت نفسه من قبل قطاع شؤون الماء في مقاطعة فينشوري(Ventura County) بولاية كاليفورنيا، ورُفعت ضده وزوجته قضية في محاكم هذه المدينة وتناولتها كافة وسائل الإعلام في الكثير من دول العالم. 

وفي الواقع عندما تَعَمقتُ أكثر في ملابسات وتفاصيل "قضية سرقة الماء" تأكدت بأن هذه السرقة لم يكن هدفها توفير المال، فمثل هذه الشخصية الثرية والمعروفة ليست بحاجة إلى المال أو توفير دولارات بسيطة معدودة لا تساوي شيئاً بالنسبة لثروته العظيمة، ولكن الأزمة الخانقة المتمثلة في شح الماء وعدم توافره في المدينة بشكلٍ خاص وفي ولاية كاليفورنيا بشكلٍ عام هي التي اضطرته إلى السرقة بأساليب ملتوية، وأَخوف ما أخاف منه هو أن يأتي علينا جميعاً زمان، وقد يكون هذا الزمان قريباً جداً، أن يكون لدَينا فيه المال الوفير والكثير، ولكن بالرغم من ذلك لا نتمكن من الحصول على الماء السليم والصحي، كما حصل بالفعل لعائلة هذا الممثل ولولاية كاليفورنيا.

فالقحط المائي المزمن الذي ضرب عدة مدن في ولاية كاليفورنيا منذ أكثر أربع سنوات غَيَّر بشكلٍ جذري مشهود أنماط حياة الناس، وبدَّل أسلوب إدارتهم وتعاملهم مع الثروة المائية بشكلٍ يومي، فقد اتجه الناس نحو ترشيد استهلاك الماء وتقنين استخدامه، حيث أكدت دراسة نُشرت في 14 سبتمبر من العام الجاري في مجلة "طبيعة التغير المناخي" أن نزول الثلج الذي هو المصدر الرئيس للماء العذب لولاية كاليفورنيا في منطقة سيارا نيفادا(Sierra Nevada) كان الأقل منذ 500 عام!

ولذلك فإنما يحدث الآن في كاليفورنيا يدق ناقوس الخطر المائي ويُقدم مثالاً صارخاً وملموساً لم تواجهه من قبل دول العالم قاطبة بالنسبة للفقر المائي المزمن، فمنها ما يعاني من نقصٍ حادٍ في كميته وحجمه، ومنها ما يواجه تدهوراً مزمناً في نوعية المياه بالرغم من وفرتها وكثرتها ووجود الأنهار التي تجري من تحتهم والبحيرات التي تملأ مدنهم، فهذه المياه تكون عادةً غير صالحه للاستعمال بسبب تلوثها وفسادها بالمركبات الكيميائية الضارة والخطرة والمهددة لصحة الإنسان والحياة الفطرية.

فالثروة المائية العذبة مهددة بالانقراض في كل دول العالم والتقارير والدراسات العلمية التي تُنشر في هذا الصدد تؤكد هذه الحقيقة، حتى أن منظمات الأمم المتحدة المعنية، قد تقتدي بالتعاليم الإسلامية وتدعو دول العالم في يوم الماء العالمي إلى القيام بصلاة الاستسقاء!

فعلى سبيل المثال، نَشَر معهد الموارد الدولي(World Resources Institute) في 27  أغسطس من العام الجاري دراسة شاملة غطت كل دول العالم حول الحالة المائية التي تعاني منها الدول، حيث أكد على واقعية وجود أزمةٍ مائية وفقرٍ مائي شديد في دول الشرق الأوسط في المستقبل المنظور وبحلول عام 2040، وبالأخص دول مجلس التعاون التي صُنفَتْ بأنها الأشد تأثراً وتضرراً من هذا الوضع المائي الذي يهدد الأمن القومي لدولنا من جهة، ويشكل ضغطاً مشهوداً على استدامة الأنشطة التنموية من جهةٍ أخرى. وعلاوة على ذلك كله فإن النقص في الماء بين دول الخليج ودول الشرق الأوسط قد يولد حروباً على موارد ومصادر المياه العذبة.

وأتمنى استناداً إلى هذه الدراسات المخيفة والواقعية أن لا يأتي علينا يوم نضطر فيه إلى سرقة الماء كما حصل للممثل الأمريكي توم سيلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق