الاثنين، 28 سبتمبر 2015

الغش البيئي: فضيحةُ شركةٍ كُبرى


البيئة عند بعض الشركات العملاقة ومتعددة الجنسيات تحولت إلى أداة فاعلة وناجحة لكسب المال الوفير، وتحقيق الثروات الطائلة، وأصبحت ورقة رابحة تستغلها هذه الشركات لمصالحها وترويج بضائعها وتسويقها عالمياً.

 

فعندما تدَّعي شركة ما بأنها صنعت مُنتجاً بيئياً يحافظ على الثروات الفطرية الطبيعية ويحمي مكونات البيئة من هواءٍ وماءٍ وتربة ويصون صحة الإنسان، فإن هذا المنتج سيكون محل اهتمام الحكومات والأفراد على حدٍ سواء، وسيحصل حتماً على صفقاتٍ كبيرة لشراء هذا المنتج الصديق للبيئة والصحة العامة.

 

وهذا بالضبط ما قامت به أكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم وهي شركة فولكس واجن(Volkswagen) الألمانية للسيارات، حيث ادعت بأنها صنعت سيارات تعمل بالديزل وتنبعث منها ملوثات قليلة تتطابق مع مواصفات ومعايير الانبعاث، وقد نجحت بالفعل في الفترة من 2007 إلى سبتمبر 2009 من بيع ملايين السيارات، منها فقط نصف مليون سيارة في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

فقد وَضَعتْ هذه الشركة أجهزة مُضللة وركَّبتْ برنامجاً خاصاً في كمبيوتر السيارة يُعطي عَمْداً قراءات خاطئة ومزيفة لمستوى التلوث المنبعث من عوادم السيارات، بحيث إن هذه القراءات التي تراها الأجهزة الحكومية أمامها تشير إلى فاعلية جهاز التحكم الموجود في السيارات وانخفاض نسبة الملوثات المنطلقة من عوادمها.

 

ولكن كما يقول المثل الشعبي "حَبْلْ الكذب قَصير"، فقد كشفت الصُدف زيف وكذب إدعاءات هذه الشركة العملاقة وتمكنت مختبرات وأجهزة أمريكا بعد سنوات من إثبات هذا الغش التجاري وإرغام الشركة على الاعتراف، حيث اضطر الرئيس التنفيذي للشركة نتيجة لهذا الاكتشاف إلى أن يُبدي أسفه، ويعتذر أمام الملأ في 21 سبتمبر من العام الجاري، ويعترف ضمناً بهذه الجريمة الأخلاقية التي ارتكبتها أيديهم ضد حرمات البيئة وصحة الإنسان، وهذا الاعتذار أدى فوراً إلى خسائر مادية فادحة تمثلت في فقدان الشركة لـ 17.1% من قيمتها في السوق، وتحطم مباشر لقيمة سهم الشركة، وتوقف بيعها في الولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم الأخرى، إضافة إلى الغرامات المالية التي ستُفرض عليها وتقدر بنحو18 بليون دولار.

 

وفي المقابل أمر الرئيس أوباما والكونجرس الأمريكي إلى إجراء تحقيقٍ جنائي ضد هذه الشركة بسبب هذه الجريمة النكراء.

 

وانطلاقاً من هذه الحادثة الواقعية، أود أن أُقدم النقاط التالية كردة فعل شخصية لها، وهي: أولاً: هل نعلم في البحرين عن هذه الفضيحة الكبرى فنكشف عن هذه السيارات التي تم بيعها خلال تلك الفترة، أم أننا كما يقول المثل "خَبَرْ خَير"!

ثانياً: إذا نجحت هذه الشركة في أن تضلل وتغش وتزيف المعلومات في أكبر دولة متطورة ومتقدمة في العالم، فما يمنعها هي وغيرها من الشركات التحايل علينا وتضليلنا في قضايا أخرى؟

ثالثاً: كما أكدت في مقالات سابقة فإن ثقافة هذه الشركات هي الكذب والتضليل، ولذلك يجب عدم الاعتماد على التقارير والمعلومات والادعاءات التي تصدر عن الشركات نفسها، سواء في مجال البيئة، أو التغذية، أو الأدوية، أو ألعاب الأطفال والمنتجات الأخرى، فلا بد من قيامنا ببعض التجارب للتأكد من صحة المعلومات.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق