الاثنين، 28 ديسمبر 2015

حصانة دبلوماسية لموظفي فولكس واجن


مازالت شركة فولكس واجن الألمانية العملاقة للسيارات والتي تُعد ثاني أكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم لم تسبر غور الكارثة العميقة التي وقعت فيها، ولم تصل حتى الآن إلى تفاصيل ودقائق هذه الفضيحة الكبرى التي نزلت عليها، فمازالت منذ أن كُشف الستار عنها في الولايات المتحدة الأمريكية في العشرين من سبتمبر من العام الجاري وحتى يومنا هذا لم تتعرف على الأشخاص الذين تورطوا في هذه العملية والذين صمموا وخططوا للقيام بها، فالجميع ملتزم الصمت، ومتبع لسياسة التستر والكتمان على ما حدث.

 

ولذلك اضطرتْ الشركة في 14 نوفمبر من العام الجاري إلى الإعلان عن سياسةٍ عامة وبرنامجٍ جديد أُطلق عليه "برنامج العفو العام"، أو بما يعني إعطاء الحصانة "الدبلوماسية" لجميع العمال الذين لديهم أية معلومات أو حقائق، وذلك تشجيعاً من الشركة على كسر حاجز الخوف لكل من يقدم أية دلائل عن فضيحة تزوير انبعاث الملوثات من السيارات، وحمايةً لكل من يريد الافصاح عن الأسرار والملابسات التي تحيط بها والإدلاء بشهادته أمام المعنيين بالشركة.

 

فالشركة الآن تقع تحت ضغوطٍ كثيرة محلية وإقليمية ودولية، منها من أصحاب النفوذ والمستثمرين والمساهمين، ومنها من الحكومة الألمانية نفسها، ومنها الضغوط التي تمارس عليها من دول العالم المختلفة التي تضررت بيئياً وصحياً، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وأستراليا، والصين، واليابان، إضافة إلى الجوانب الأخلاقية والمهنية للشركة نفسها التي تفرض عليها فضح المستور وكشف المخفي، وتقديم كافة الحقائق والمعلومات للرأي العام الدولي لإعادة تلميع سمعتها التي تلطخت وتلوثت، وفتح صفحة جديدة أمام الناس.  

 

ولمن لا يعلم عن حجم هذه الفضيحة، فأقول بأن شركة فولكس واجن قامت فعلياً بتصرفات مُشينة وغير أخلاقية لأكثر من ست سنوات، فباعت أكثر من 11 مليون سيارة تعمل بالديزل، حيث إنها وبكل بساطة أرادت أن تكتسح سوق السيارات التي تعمل بالديزل، وتُحقق السبق الدولي في تقديم سيارات قليلة الانبعاثات وتوافق عليها دول العالم وتباركها منظمات الأمم المتحدة، فقامت عمداً بتصميم وكتابة برنامج خاص للكمبيوتر يُوضع في السيارات فيَكْذب عند قياس تركيز الملوثات التي تخرج من عادم السيارة، ويعطي قراءات مضللة ومزيفة عن نسبة انبعاث الملوثات السامة، واستطاعت عن طريق هذا البرنامج إقناع الدول بأن هذه السيارات صديقة للبيئة، ولا تنبعث منها أحجام مرتفعة من الملوثات، ونجحت لفترةٍ من الزمن في بيع هذه الأعداد الهائلة من السيارات وحققت أموالاً طائلة وأرباح خيالية بلغت المليارات من الدولارات، ولكن كما يقول المثل :حبل الكذب قصير"، فالصُدف كشفت كذب هذه الادعاءات وزيف المعلومات التي قدمتها.

 

وها هي الآن تواجه ما ارتكبت يداها من غشٍ وتزوير وتضليل للعالم، وسيلاحقها هذا العار مدى الحياة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق