الأحد، 15 يناير 2017

تحذير شديد من المسؤول الصحي الأول في أمريكا



في الخمسينيات من القرن المنصرم، وبالتحديد في 12 يوليو عام 1957حذَّر المسئول الأول عن الصحة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية ليروي بيرني(Leroy Burney)، والذي يُطلقون عليه لقب "الجراح العام"(surgeon general) من تدخين السجائر التقليدية، أو سجائر التبغ بمختلف أشكالها وأنواعها، وأكد في إعلانه في ذلك اليوم التاريخي بما ليس فيه أدنى شك أن التدخين يؤدي إلى السقوط في المرض العضال المستعصي عن العلاج وهو سرطان الرئة بالتحديد، واليوم يعيد التاريخ نفسه، وبعد أكثر من ستين عاماً، وبالتحديد في الثامن من ديسمبر عام 2016، حيث أعلن فيفك مورثي(Vivek Murthy) المسئول الأول عن الصحة العامة، وبعباراتٍ شديدة وصارمة لا ريب فيها عن مخاطر نوعٍ آخر من السجائر، وعن بدعةٍ جديدة ظهرت مؤخراً في الأسواق وتُعرف بالسجائر الإلكترونية.

 

فقد اعترف المسئول الأمريكي الأول عن صحة المواطنين بأن السجائر الإلكترونية خطرة جداً وتهدد الصحة العامة، وبخاصة لدي فئة الأطفال والشباب الذين يتم إغراؤهم وتشجيعهم على القيام بتجربة تدخين هذه السجائر من خلال المضافات، والنكهات، والمذاقات التي لا تعد ولا تحصى التي توضع فيها، كما يتم إلهاب شعورهم نحو هذا النوع الجديد والغريب من السجائر عن طريق التسويق المغري والشيطاني الذي يستعمل في إعداده جميع أنواع العلوم الحديثة من علم النفس، والاجتماع، والإعلان.

 

فمنذ عام 2010، حيث بدأت هذه السجائر في الولوج في الأسواق الأمريكية والعالمية ببطءٍ شديد إلى أن أصبحت الآن الأكثر إنتشاراً بين الشباب، ففي عام 2011، أفادت الإحصاءات بأن 5% فقط من طلاب المدارس جربوا هذا النوع الجديد من السجائر في الأسواق، منهم 1.5% يمثلون طلاب المدارس الثانوية، وارتفعت هذه النسبة في عام 2015 لتصل إلى 16% من طلاب المدارس الثانوية، كما أشارت الإحصاءات أن 55% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 25 قد استخدموا هذه السجائر.

 

ولذلك أتمنى من السلطات الصحية في البلاد التنبه إلى هذا المنتج السام الجديد ووضع الضوابط والآليات الحازمة والصارمة التي تمنع انتشاره وتعاطيه، وبالتحديد بين فلذات أكبادنا، وخاصة إذا تأكدنا بأن هذه الظاهرة موجودة الآن في المجتمع البحرين، ومشكلة تعاطيها بدأت تستفحل يوماً بعد يوم، والتحقيق المنشور في أخبار الخليج في الثاني من يناير 2017 يؤكد انتشار استخدام الشيشة الإلكترونية في البحرين، وبخاصة بين طلبة الجامعات.

 

وفي هذا السياق أُشير إلى أهم الحقائق الصحية والبيئية المتعلقة بالسجائر الإلكترونية:

أولاً: هذا النوع من السجائر يحتوي على مخلوطْ مُعقد من السوائل، ومن مكوناته الرئيسة النيكوتين والمعروف بأنه مركب سام يؤثر على الخلايا العصبية، ويؤدي استخدامه واستنشاقه تدريجياً إلى الإدمان.

 

ثانياً: هناك أكثر من سبعة آلاف مادة كيميائية مجهولة الهوية تُضاف إلى خليط السجائر الإلكترونية، لتُقدم لنا ما لا يخطر لا بال أحد من شتى أنواع النكهات اللذيذة، والمذاق الحلو، والطعم الجذاب الذي لا يمكن مقاومته، أي أن المدخن يتعرض لهذا العدد الهائل من المركبات التي لا يعلم أحد حتى الآن عن مردوداتها الصحية والبيئية.

ثالثاً: آلية عمل السجائر الإلكترونية تعتمد على التحويل الحراري باستخدام البطارية للمخلوط من الحالة السائلة إلى خليطٍ معقد يكون على هيئة البخار أو الغازات والجسيمات الدقيقة المتناهية في الصغر، ومن مكونات هذا البخار هي النيكوتين، ومركب الفورمالدهيد المعروف بأنه يسبب السرطان للإنسان، ومركب الـ دَاي أَسِتِيل الذي يُعرف بأن التعرض له يسبب حالة مرضية أُطلقت عليها حرفياً "رئة الذرة"(Popcorn Lung)، وهي نوع من الأمراض الذي يصيب الجهاز التنفسي. وعلاوة على هذه الملوثات السامة والخطرة، فإن هناك المئات الأخرى من الملوثات التي سيكشف العلم قريباً عن هويتها وتهديدها لصحة الفرد والمجتمع.

رابعاً: أشارت العديد من الدراسات إلى أن البخار والجسيمات الدقيقة الصغيرة الناجمة عن تدخين السجائر الإلكترونية لها تداعيات خطرة طويلة الأمد على الأوعية القلبية، كما هو الحال بالنسبة لسجائر التبغ التقليدية.

وإنني على يقين وثقة تامة بأن الأيام القادمة ستكشف لنا المزيد من مخاطر السجائر الإلكترونية والتهديدات التي يمثلها للمجتمع برمته، فهل نحن مُنْتهون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق