الاثنين، 7 أغسطس 2017

الأبقار مصدر للكهرباء في السعودية


مُخَلفاتُنا التي تنتج عن وجودنا وأنشطتنا ونراها أمامنا يومياً وتشكل لنا عبئاً ثقيلاً في التعامل معها والتخلص منها، تُعد في الكثير من الدول ثروة قومية حيوية، ومورداً وطنياً للطاقة والمنتجات اليومية التي نستعملها، فتَرْفع هذه المخلفات من معدل النمو الاقتصادي، وتحسن من معيشة الأفراد ومستوى الدخل، وتخلق وظائف جديدة تخفض من مستوى البطالة في هذه الدول، وعلاوة على ذلك كله فهي تزيل عن كاهل البيئة حِمْل التخلص منها وتلويث عناصرها ومكوناتها الطبيعية كالهواء والماء والتربة. 

 

ولذلك لا غرابة إذا سمعنا وقرأنا عن دولٍ غربية صناعية متطورة تقوم باستيراد المخلفات من دولٍ أخرى، وعلى رأسها القمامة المنزلية والمخلفات البلدية الصلبة الأخرى إلى دولها لتقوم عليها الصناعات الضرورية، وتُولِّد منها الطاقة الكهربائية التي هي في أَمسِّ الحاجة إليها، وتُعجل من عملية التنمية.

 

وأسعدني كثيراً الخبر الذي قرأته من المملكة العربية السعودية في هذا السياق، حيث أعلنت نَادِك(الشركة الوطنية للتطوير الزراعي) في 26 يوليو من العام الجاري عن عزمها بناء محطةٍ لتوليد الكهرباء تعمل باستخدام مخلفات الأبقار الصلبة وشبه الصلبة، أي أن المادة الخام التي تحرك هذا المصنع والوقود الذي يعتمد عليه في إنتاج الكهرباء هو مخلفات الأبقار المتجددة، أو ما يُطلق عليه الآن بالوقود الحيوي، أو البيوجاز(biogas)، أو الوقود العضوي(biomass).

 

فمخلفات الأبقار العضوية قابلة للتحلل بشكلٍ طبيعي، أي أن هناك بكتيريا موجودة معنا ولها القدرة على هضم هذه المخلفات والعيش عليها والنمو في هذه البيئة، فيمكن من خلال الاستفادة من أنواع البكتيريا اللاهوائية العمل على تحلل مخلفات الأبقار وتحويلها إلى غاز الميثان الذي يعتبر المكون الرئيس للغاز الطبيعي الذي نستخدمه حالياً في بلادنا لتوليد الكهرباء وتشغيل المصانع.

 

وهذا التوجه الجديد لهذه الشركة العملاقة التي لديها أكثر من 80 ألف بقرة، يصب مباشرة في توجهات دول العالم عامة والقوانين التي وافقت عليها الأمم المتحدة، ويخدم في الوقت نفسه استراتيجية المملكة العربية السعودية خاصة. فتنويع مصادر الطاقة من أهم أسس هذه الاستراتيجية، من حيث الخفض التدريجي في الاعتماد على مصادر الطاقة اللأحفورية غير المتجددة والملوثة للبيئة، من بترول وغيره، والتحول إلى مصادر الطاقة وتوليد الكهرباء المتجددة والنظيفة والمنخفضة الانبعاث للملوثات الضارة بالإنسان وبيئته والمستنفدة للثروات والموارد الطبيعية، كطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وطاقة المخلفات العضوية.

 

كما إن هذا التوجه الجديد يخدم أهداف تحقيق التنمية المستدامة التي وافقت على تطبيقها وتنفيذها كل دول العالم بدون استثناء في قمة الأرض التي عقدت عام 1992 في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، والتي تعتمد على تحقيق التنمية في المجالات الثلاثة، وهي التنمية الاقتصادية جنباً إلى جنب مع التنمية الاجتماعية والبيئية.

                                                                                                                                                                                                                                          

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق