الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

من هو المُتهم الأول في قتل البشر؟


هل تعلم ما هو اسم المرض الأكثر شيوعاً وانتشاراً في دول العالم والذي يحتل المرتبة الأولى في قتل بني الإنسان ويودي بحياة الملايين من البشر في كل أنحاء المعمورة؟

 

لقد أجابت مجموعة كبيرة من العلماء والباحثين في تخصصات وعلوم مختلفة من جامعة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية عن هذا السؤال، ونشرت في 16 سبتمبر من العام الجاري في مجلة لانست الطبية (Lancet medical journal) القائمة السوداء لعشرة أمراض مسؤولة عن القضاء على الإنسانية في كل دول العالم. 

 

وجاءت على رأس هذه القائمة السوداء المشئومة أمراض القلب التي اتُهِمت بأنها السبب الأول في قتل البشرية، والمرض الأول الذي يقضي على الإنسان وهو في سنٍ مبكرة وفي ريعان شبابه.

 

فقد أجرى الباحثون في هذه الدراسة تحليلاً شاملاً ومتكاملاً ومُعمقاً لأسباب موت البشر على المستوى العالمي في الفترة من 1990 إلى 2016، حيث كان العدد الإجمالي للذين قضوا نحبهم في عام 2015 قرابة 56.4 مليون إنسان، وكانت الأمراض المتعلقة بالقلب هي المسؤول الأول عن نقل الناس لمثواهم الأخير وبنسبة مرتفعة بلغت 68%، أي زهاء 15 مليون إنسان يقعون فريسة سهلة لهذا المرض العضال. وفي الدرجة الثانية ضمن القائمة السوداء جاءت أمراض الرئة المزمنة وسرطان الرئة، حيث بلغ ضحايا هذا النوع من المرض قرابة 4.9 مليون، ثم مرض السكري الذي يقضي على 1.6 من بني آدم، ويليه في الترتيب مرض الإيدز الذي يقتل 1.4 إنسان.

 

وجدير بالذكر أن الدراسات أَجمعتْ وأكدت على أن أمراض القلب ومنذ أكثر من عقد من الزمن تتصدر المرتبة الأولى وبدون منازع قائمة الأمراض التي تقتل الناس في دول العالم، وهذه الظاهرة العالمية موجودة عندنا أيضاً في البحرين حيث حذر الأطباء البحرينيون المختصون في أمراض القلب بأن هناك تزايداً ملحوظاً في نسبة الإصابة بأمراض القلب في البحرين خاصة ودول الخليج عامة، وليس بين كبار السن والكهول فحسب، وإنما بين صفوف الصغار والشباب الأصحاء الذين من المفروض أن يكونوا بعيدين كل البعد عن الإصابة بهذا المرض الذي يأكل من شبابهم يوماً بعد يوم.

 

وهناك عدة أسباب معروفة تؤدي إلى السقوط في فخ أمراض القلب، منها أنماط الحياة الخاطئة وممارسة العادات غير السليمة، مثل السمنة المفرطة والبدانة غير الطبيعية، والتغذية غير المتوازنة والمفرطة في المواد الضارة، إضافة إلى العزوف عن القيام بالأنشطة البدنية والعضلية والخنوع إلى الكسل وقلة الحركة.

 

وقد برز في السنوات القليلة الماضية عامل جديد يجب التركيز عليه وعدم تجاهله أو غض الطرف عنه لإسهامه المشهود في الإصابة بأمراض القلب وقتل البشرية، وهو تلوث الهواء من مصادره التي لا تعد ولا تحصى، سواء أكانت آلاف الملوثات المنبعثة من سجائر التبغ التقليدية أو الشيشة أو السجائر الإلكترونية، أو المواد المسرطنة والمهلكة التي تنطلق من السيارات والمصانع، ففي كل يوم نشهد دراسات تؤكد هذه الحقيقة. وسأُقدم لكم آخر الدراسات التي تعطي الدليل الشافي حول دور تلوث الهواء في الوقوع في أمراض القلب، منها الدراسة المنشورة في مجلة جمعية القلب الأمريكية في 21سبتمبر من العام الجاري، حيث أشارت إلى أن تدخين السجائر الإلكترونية الذي يعيش الكثيرين مُضللين وواهمين بأنه غير ضار، يؤثر على أداء ووظيفة القلب ويزيد من مخاطر التعرض لأمراضه المختلفة القاتلة.كما أكدت دراسة منشورة في 14 أغسطس من العام الجاري في مجلة الدوران(Circulation) التي تصدرها جمعية القلب الأمريكية بأن التعرض للجسيمات الدقيقة أو الدخان من أي مصدرٍ كان، سواء التدخين أو السيارات أو غيرهما يؤثر على مستويات هرمون الإجهاد والتوتر ويزيد في الوقت نفسه من ضغط الدم، وبالتالي يشكل خطورة على أداء القلب مع الزمن.

 

وقد أكدت منظمة الصحة العالمية في عدة تقارير على دور تلوث الهواء في قتل البشر وإسهامه الفاعل والضار في الإصابة بالكثير من الأمراض المستعصية على العلاج، فقد أصبح العدو الأول للبشرية، حيث أفادت المنظمة في تقريرها الأخير بأن التلوث، وبالتحديد تلوث الهواء أدى إلى الموت المبكر للبشرية بسبب الوقوع في أمراض القلب، ففي عام 2016 انتقل 9.5 مليون إنسان على المستوى الدولي إلى خالقهم ومثواهم الأخير مُرتفعاً أكثر من 19% عن العشر سنوات الماضية، مما يؤكد بأن أعداد الموتى بسبب تلوث الهواء في ازدياد مطرد لا يمكن تجاهله والسكوت عنه.

فالوقاية من السقوط في الإصابة بأمراض القلب والأمراض الأخرى المتعلقة بالتلوث عامة يجب أن تكون في مقدمة أي برنامجٍ حكومي صحي وبيئي، ويجب أن تحظى بالأولوية، وإلا فالنتيجة واضحة ومشهودة ولا تحتاج إلى تفصيلٍ أكثر.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق