الأحد، 31 ديسمبر 2017

احْذَر فتلوث الهواء ينخر في عِظامك!



من كان يتخيل بأن لتلوث الهواء علاقة حميمية بأحد أشد الأمراض بأساً وتنكيلاً بجسم الإنسان وهو هشاشة العظام، فلا أظن بأن أي طبيبٍ مختص كان يتصور بأن للملوثات التي نسمح لها بالولوج في هوائنا بمحض إرادتنا ستنخر في عظامنا وتصيبها بالشيخوخة والهرم المبكر والضعف المزمن.

ولكنني شخصياً لا أستغرب من أن يكون للتلوث دور في الإصابة بمثل هذه الأمراض، ففي كل يوم يكتشف العلماء إسهامات ودور الملوثات المهلك لأعضاء جسم الإنسان، وفي كل يوم يزيل الباحثون النقاب عن أسباب جديدة للوقوع في أمراضٍ تقليدية معروفة منذ عقود طويلة كالقلب والسكري والبدانة المفرطة، ويؤكدون بأن التلوث أصبح اليوم عاملاً فاعلاً وقوياً في الإصابة بهذه الأمراض.

فهشاشة العظام، بناءً على تقارير المؤسسة الدولية لهشاشة العظام يسبب أكثر من 8.9 مليون حالة كسر للعظام سنوياً، أي بمعدل حالة واحدة كل ثلاث ثوان سنوياً، كما أن هناك قرابة 75 مليون حالة للإصابة بهذا المرض، وفي الولايات المتحدة الأمريكية فقط هناك 2.1 مليون حالة لكسر العظام كل سنة مرتبطة بمرض الهشاشة، وتكلف نحو 20.3 بليون دولار سنوياً.

أما الأسباب التقليدية المعروفة للتعرض لهشاشة العظام فهي التغيرات الهرمونية عند الرجال والنساء، وممارسة العادات والسلوكيات السيئة كشرب الخمر والتدخين والإفراط في تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، وعدم تناول المواد الغذائية التي تحتوي على الكالسيوم، إضافة إلى القصور في النشاط البدني والعضلي والعامل الوراثي المتعلق بإصابة أحد أفراد الأسرة بهذا المرض.

أما الآن فمع انتشار آلاف الملوثات في بيئتنا وارتفاع تركيزها في الهواء الجوي وتعرض الإنسان كل ثانية لأحجام كبيرة من هذه الملوثات، فقد أصبحت عاملاً هداماً لصحة الإنسان، وأوقعته في الكثير من الأمراض المستحدثة إضافة إلى الأمراض القديمة التي يعاني منها بني البشر لسنواتٍ طويلة، كهشاشة العظام.

فقد نُشرت دراسة في مجلة اللانست الطبية المرموقة في الأول من نوفمبر من العام الجاري تحت عنوان:"العلاقة بين التلوث بالجسيمات الدقيقة وضعف العظام مع الوقت، ومخاطر كسر العظام"، حيث حاولت الدراسة التي شملت تسعة ملايين إنسان سبر غور العلاقة بين التعرض للدخان أو الجسيمات الدقيقة وتأثيرها على كثافة العظام والإصابة بمرض هشاشة العظام. فقد أشار البحث إلى أن التعرض للدخان لفترات طويلة ولو بنسبٍ منخفضة، أو السكن في مناطق يرتفع فيها تركيز هذا النوع من الملوثات، فإن هذه الحالة ستزيد من احتمال الإصابة بحالات الكسور نتيجة لضعف كثافة العظام وسهولة كسرها، وهذا يعني أنكَ إذا كنت تعيش في منطقة ملوثة لسنوات طويلة، كالمناطق المزدحمة بالسيارات، فإنك مُعرض أكثر من غيرك للإصابة بهشاشة العظام، وستكون أكثر عرضة وقابلية لسهولة كسر عظمك.

وهكذا في كل يوم يكتشف العلماء ما لا تتوقع، ولا يخطر على بالك من الآثار السلبية الضارة للملوثات التي تتعرض لها رغماً عن أنفك في كل ثانية من حياتك!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق