الأحد، 17 يونيو 2018

آخر الدراسات حول أسباب السرطان


الآلاف من الدراسات والتقارير والأبحاث تُنشر سنوياً لكشف أسرار هذا المرض العضال المستعصي على العلاج، وسبر غور خفاياه وأسبابه، والتعرف عن كثب على آلية إضراره بصحة الإنسان ومحاولة الحصول على العلاج الناجع والكافي لهذا المرض العصيب المزمن الذي حيَّر العلماء، ودوخ الأطباء، وأرهق ميزانيات الشعوب والدول دون جدوى ملموس ومشهود، علماً بأن الكلفة الإجمالية لعلاج هذا الكرب العظيم على المستوى الدولي بلغ نحو 1.2 تريليون دولار، وعلى مستوى البحرين فإن علاج المريض الواحد فقط يكلف قرابة أربعين دينار.

هذا المرض هو السرطان الذي يضرب الإنسان مرة واحد ضربة قاضية، وينزل عليه فجأة دون سابق إنذار كالصاعقة على تنزل علينا، فيحول حياته وحياة أهله إلى مآسي وأحزان ومعاناة مستمرة قد تقصر لأشهر عصيبة، وقد تطول لسنواتٍ عجاف.

وآخر هذه الدراسات التي أُجريت على مستوى دول العالم قام بها ما يسمى "العِبء الدولي للتعاون حول لمرض السرطان"(The Global Burden of Disease Cancer Collaboration)، ونُشر في مجلة الجمعية الأمريكية الطبية لعلم الأورام في الأول من يونيو من العام الجاري، حيث أَجرت الدراسة تقييماً وتحليلاً شاملاً سنوياً ولمدة عشر سنوات على المستوى الدولي لـ 29 نوعاً من السرطان، من حيث عدد المصابين الذين يتم تشخيصهم بهذا المرض وعدد الذين يقضون نحبهم كل سنة.

وقد تمخضت عن هذه الدراسة عدة استنتاجات هامة، منها:
أولاً: أعداد الذين يسقطون صرعى بسبب هذا المرض العضال المستعصي على العلاج زاد بنسبة 28% سنوياً في الفترة من 2006 إلى 2016، وأكثر الأنواع شيوعاً هو سرطان الجلد والرئة والقولون. فقد قدَّرت الدراسة عدد المصابين في عام 2016 بنحو 17.2 مليونحالة مرضية، مات منهم 8.9 مليون. 
ثانياً: يعد سرطان الرئة الأكثر انتشاراً من بين أنواع السرطان التي تمت دراستها، فهو الأشد فتكاً وتدميراً بصحة الإنسان والمتسبب الرئيس في موته، حيث إن 20% من الموتى المصابين بالسرطان كان بالإصابة في الرئة، وفي النساء يعد سرطان الثدي الأكثر انتشاراً وشيوعاً.
ثالثاً: هناك ثلاثة أسباب رئيسة تزيد من مخاطر الإصابة بهذه المصيبة العظيمة، وهي نمط حياة الإنسان والأسلوب الذي يتبعه في معيشته اليومية، والثاني هو التدخين، والثالث فهو التعرض للملوثات التي تؤدي إلى الإصابة بالسرطان من مصادرها التي لا تعد ولا تحصى، وكل هذه الأسباب من الممكن تجنبها فهي متعلقة بسلوكنا وممارساتنا اليومية ونستطيع بالإرادة الصادقة والعزيمة القوية أن نتخلص من كل عاداتنا السيئة وتصرفاتنا الخاطئة المهلكة.

أما السبب الأول فهو مهم جداً ويمكن تصحيحه ويقع تحت أيدينا، وهو نمط وأسلوب الحياة من حيث أولاً إتباع العادات الغذائية السليمة والصحية نوعياً وكمياً، وتبني المنهج الرباني القائل: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه". أما من الناحية النوعية فتتمثل في الابتعاد عن المأكولات المعلبة التي تحتوي عادة على عشرات المواد الحافظة وبعضها يسبب السرطان، إضافة إلى تجنب شرب الخمر والوجبات السريعة الدهنية والمأكولات المعالجة، وفي المقابل التركيز على الخضروات والفواكه والغذاء المشبع بالألياف والأسماك. كما يندرج تحت "نمط الحياة" ممارسة الرياضة والأنشطة العضلية مهما كان نوعها وبشكل مستمر ولو كانت قليلة وبسيطة، فهذا من شأنه الحفاظ على وزن الجسم وتجنب الوزن الزائد والبدانة المفرطة التي تسبب السرطان.

أما السبب الثاني الذي حتماً يُوقع الإنسان في السرطان ويقضي عليه رويداً رويداً ويمكن تجنبه كلياً هو التدخين، سواء أكان تدخين السجائر التقليدية أو الإلكترونية أو الشيشة، حيث أجمع الطب على أن المدخن ومن يجلس حوله يوقعون أنفسهم وبمحض إرادتهم في الإصابة بـ 14 نوعاً من السرطان وعلى رأس القائمة سرطان الرئة والفم والحنجرة والقولون والكبد والكلية والبنكرياس والمثانة، فالتدخين يقتل أكثر من 15.5 مليون إنسان سنوياً.

والسبب الثالث المؤدي إلى الهاوية الصحية فهو التلوث بكل أنواعه، التلوث الكيماوي والفيزيائي والحيوي، ومن أشد مصادر الملوثات تهديداً لصحة الفرد المجتمع هو عوادم السيارات التي تحتوي على ملوثات مسرطنة مثل البنزين والمركبات العضوية العطرية متعددة الحلقات والجسيمات الدقيقة. ومن جانب آخر هناك التلوث الفيزيائي من خلال التعرض للأشعة البنفسجية القاتلة في صالونات "التانينج"، أو صالونات تغيير لون البشرة إلى اللون الذهبي، إضافة إلى التعرض المباشر لأشعة الشمس.

فهذه الأسباب والمصادر السرطانية بأيدينا تجنبها والابتعاد عنها، ولكن في المقابل هناك سبب اكتشفه العلماء مؤخراً وهو دور جينات الإنسان الوراثية في الإصابة بالسرطان، أي العامل الوراثي (heredity)، أو العامل(H)، الذي لا دخل للإنسان فيه ولا يستطيع تجنبه أو التخلص منه، ولذلك أُطْلِقُ عليه بعامل "القضاء والقدر". وهذا العامل الجديد يجب أن لا يُوقع الإنسان في الإحباط ويولد عنده الشعور بفقدان الأمل والاشمئزاز، فكل ما علينا القيام به هو الأخذ بالأسباب والتوكل على الله وتجنب كل الأمور المؤدية إلى السرطان والتي تحدثنا عنها، ثم ندعو الله بموفور الصحة والعافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق