الثلاثاء، 19 يونيو 2018

الرئيس الصيني يتعهد


نشرتْ الصحف الصينية الصادرة باللغة الإنجليزية، ومنها صحيفة "يوميات الشعب" وصحيفة "يوميات الصين" خبراً مهماً جداً وغريباً في الوقت نفسه في 24 مايو من العام الجاري يجب أن نقف عنده لنتعرف على أبعاده ودلالاته وكيفية الاستفادة منه في واقعنا الحالي، وبالتحديد في أسلوب ونمط التنمية الذي نتبعه في البحرين.

 

فقد جاء الخبر نقلاً عن تصريحات الرئيس الصيني والأمين العام للحزب الشيوعي الذي أكد على أن الصين تدخل مرحلة جديدة في سياساتها التنموية، وستتبنى إستراتيجية حديثة تاريخية محورها ومركزها الرئيس هو الإنسان وحماية الأمن الصحي للإنسان، أي سياسة "الإنسان أولاً"، فسياسة الصين في عملياتها التنموية بناءً على هذه الرؤية قد تغيرت 180 درجة، وتبدلت جذرياً من حالٍ إلى حال، فقد تغيرت من سياسةٍ هدفها تحقيق النمو السريع والمتعاظم على حساب كل شيء آخر إلى سياسة وسطية معتدلة تأخذ في الاعتبار الجانب الاقتصادي جنباً إلى جنب مع الجانب البيئي الصحي والاجتماعي، كما تغيرت من سياسة الهدم للموارد والثروات الطبيعية إلى سياسةٍ تنسجم مع رعاية البيئة ومواردها الحية وغير الحية، أي من سياسة عدائية وهجومية على كل مكونات البيئة والإنسان إلى سياسة صديقة ودفاعية لكل عنصرٍ حي أو غير حي للبيئة.

 

فقد تعهد الرئيس الصيني والتزم أمام الشعب الصيني بالبدء في بناء ما أَطلق عليه بـ "الحضارة البيئية" على المستوى القومي والمستوى الدولي، حيث قال الرئيس الصيني في المؤتمر الوطني الذي عقد في 24 مايو بأننا سندخل معركة ضد التلوث، وسنقاتل ونكافح هذا التلوث بكل الأسلحة المتاحة لنا، وسنُدعم كل الخطوات المتعلقة بالحضارة البيئية، كما أضاف قائلاً بأن الصين ستتحول من "سياسة النمو المتسارع" إلى سياسة "النمو ذو الجودة العالية أو النوعية الممتازة".

 

كما حدد الرئيس الصيني عدة مبادئ رئيسة لمرحلة بناء الحضارة البيئية، من أهمها إعطاء الأولوية للتصدي للمشكلات البيئية الرئيسة القائمة والتي أكلت صحة المواطنين ودمرت نوعية حياتهم، إضافة إلى تجنب أية مشاريع إنمائية تؤثر على سلامة الإنسان وصحة البيئة، كما جاء في أحد المبادئ اعتبار الموارد الطبيعية من ماء وهواء وتربة وجبال وأنهار وبحيرات وحياة فطرية ثروات لا تُقدر بثمن، ويجب الحفاظ عليها وتنميتها، وعدم التضحية بصحتها نوعاً وكماً في أعمالنا التنموية.

 

هذا التعهد الحازم للرئيس الصيني أمام الشعب لم يكن سهلاً وميسراً، وإنما اضطر وأُجبر إلى إحداث هذا التغيير الجذري في السياسات التنموية ووضع البيئة في مقدمة أولويات برامج الحكومة نتيجة للوضع البيئي المأساوي غير المسبوق الذي عانت منها البيئة طوال أربعين عاماً، وانعكست هذه الحالة العصيبة مباشرة على صحة الإنسان وإنتاجيته ونشاطه التنموي.

 

فهذه التجربة الصينية الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وهذه الخبرة الصينية في مجال نمط التنمية يجب أن لا نغفل عنها في البحرين أو نتجاهلها، فنضعها نُصب أعيننا، ونستفيد من هفواتها وزلاتها، وإلا سنقع حتماً في الكرب العظيم الذي وقعت فيه الصين، وسنواجه المصير نفسه، فهل نحن مستعدون؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق