الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018

تجارة الحشيش أصبحت علنية ورسمية!


قريباً جداً ستقوم دول العالم بإزالة "الحشيش" أو "الماريوانا" أو "القنَّب" من ضمن قائمة المواد المخدرة المحظورة والممنوعة دخولها في الدول، وسيرتاح قليلاً موظفو الجمارك والمنافذ البرية والبحرية والجوية في جميع دول العالم وسيتنفسون الصعداء من إعفائهم من التفتيش والبحث عن هذه المادة المارقة مع الملايين من المسافرين، وسيكون هذا الإجراء الجديد بمباركة كريمة وتوجيهات سديدة من منظمات الأمم المتحدة المعنية بالتجارة بين الدول، وقريباً أيضاً سينتهي دور ووظيفة المهربين لهذه الآفة المخدرة للشعوب والمجتمعات، وقريباً سيُحال هؤلاء المجرمين المهربين للحشيش للتقاعد المبكر، فوظيفتهم انتهت ولن تعود مرة ثانية، وعليهم البحث عن عملٍ جديد مناسب!

 

فهذا التصور استوحيته من متابعاتي الحثيثة وقراءاتي المستمرة للتطورات والمستجدات المتعلقة بالوضع القانوني للحشيش في مختلف دول العالم وفي الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ خاص لما لهما من تأثيرٍ قوي وفاعل على قرارات وتوجهات كل دول العالم والمنظمات الدولية.

 

ففي 17 أكتوبر من العام الجاري لحَقَتْ كندا دولة أورجواي التي سمحت لأول مرة في تاريخ البشرية لاستخدام الحشيش لأغراض شخصية وللتسلية والترويح عن النفس في عام 2013، فأصبحت كندا ثاني دولة في العالم وأول دولة صناعية كبرى تحلل بشكلٍ علني ورسمي استعمال الحشيش في أرجاء كندا الواسعة، فالآن كل كندي يبلغ من العمر 18 عاماً يستطيع أن يتمتع بتعاطي الحشيش ويروح عن نفسه بعض الشيء فيعيش في عالم الخيال والأحلام والمتعة الزائلة المهلكة، واليوم يستطيع كل كندي يحب الزراعة أن ينتج بنفسه في حديقة منزلة كميات محددة من الحشيش، واليوم يستطيع كل كندي أن يجلس في منزله مرتاحاً دون أي عناءٍ أو تعب أو انتظارويطلب الحشيش من خلال الإنترنت فيصله إلى منزله وفي عقر داره وأمام زوجته وأطفاله وباقي أفراد أسرته!

 

وقد لاقى هذا السماح الحكومي للحشيش إقبالاً منقطع النظير، حيث وقف الآلاف من الناس الذين جاؤوا من كل حدبٍ وصوب منتظرين بشوقٍ ولهف شديدين وبفارغ الصبر قبل فتح المحلات التجارية التي تبيع الحشيش لساعات طويلة، وكأنها طوابير شراء الخبز التي نشاهدها في بعض الدول، حتى أن المخزون الموجود للحشيش في هذه المحلات نفد بعد سويعات من دق ساعة الافتتاح، مما أضطر الشرطة الكندية إلى التدخل لحفظ الأمن والسيطرة على الناس الذين غضبوا واستاؤوا من عدم حصولهم على الحشيش!

 

فاليوم، حسب الإحصاءات الكندية الرسمية هناك111 محلاً تجارياً يبيع الحشيش بشكلٍ علني ورسمي ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 300 في نهاية هذا العام، كماأن التوقعات الكندية تفيد بأن 15% من سكان كندا أو ما يقارب من 5.4 مليون كندي سيتعاطون المخدرات بحلول نهاية العام الجاري، علماً بأن عدد مدخني الحشيش حالياً يبلغ 4.8 مليون. أما من الناحية المالية الاقتصادية فقد بلغت الآن القيمة السوقية للشركات الكندية التي تُصنِّع وتنتج الحشيش قرابة 42 بليون دولار، حسب ما ورد في صحيفة النيويورك تايمس في 16 أكتوبر من العام الجاري، كما أن شركة البلومبرج المعروفة بتخصصها في الاقتصاد العالمي نشرت مقالاً تحت عنوان "إرشادات وتوجيهات للاستثمار في الحشيش" في 12 أكتوبر.

 

فهذه هي الحالة الكندية المتعلقة بتحليل وشرعنة الحشيش، وأما الحالة الأمريكية حتى كتابة هذه السطور فتتمثل في سماح 31 ولاية، إضافة إلى العاصمة واشنطن(مقاطعة كولومبيا) وجُوام وبورتوريكو لاستخدام الحشيش لأغراض طبية، كما أن هناك تسع ولايات من بينها العاصمة واشنطن قد أطلقت العنان لسكان الولاية لاستعمال الحشيش لأغراض شخصية للتسلية والترويح عن النفس، علماً بأن هذا العدد في الولايات في تزايد مستمر منذ عام 1996 من القرن المنصرم عندما فتحت ولاية كاليفورنيا الباب على مصراعيه وشجعت باقي الولايات الاقتداء بها في السماح لاستخدام الحشيش لأغراض طبية، كما أن عدد الأمريكيين الذين لا يمانعون من السماح للحشيش في ارتفاع مطرد مع الوقت، مما يعني بأن الأيام القادمة ستشهد موافقة ولايات أخرى على تحليل استخدام الحشيش، إما لأغراض طبية أو لأغراض شخصية فردية.

 

ولذلك من خلال دراستي المعمقة لحالات الدول حول الوضع القانوني للحشيش، تبين لي أن الدول تُمر بعدة مراحل انتقالية متدرجة تجر بعضها بعضاً مع الوقت بالنسبة للحشيش إلى أن تصل في نهاية المطاف إلى السماح كلياً للحشيش وتحليل استخدامه للناس لأغراض شخصية ترفيهية. وهذه المراحل الانتقالية تبدأ أولاً بمرحلة إزالة الحشيش من قائمة المواد الممنوعة والمحظورة، وبعدها تأتي مرحلة عدم تجريم من يُمسك ولديه كميات من الحشيش ولو كانت صغيرة، ثم مرحلة تخفيف العقوبات والجزاءات لمن يستعمل ويتعاطى الحشيش أمام الملأ، ثم تبدأ مرحلة جديدة وقفزة واسعة في هذه المراحل وهي السماح لاستعمال الحشيش لأغراض محددة عادة ما تكون لأسباب طبية علاجية واستخلاص الأدوية منها، وأخيراً هي مرحلة تحليل الحشيش والسماح لإنتاجه تجارياً وعلى المستوى الفردي، وبيعه وتسويقه لجميع الناس في محلات علنية مرخص لها رسمياً.

 

ولا بد لي هنا من التحذير بشدة من الوقوع في فخ التماس الأعذار مهما كانت لاستخدام الحشيش سواء أكانت طبية أو إنسانية أو اقتصادية، ولا بد من الاستفادة من حالات دول العالم وتجاربها وأوضاعها بالنسبة للحشيش، فالشيطان له مداخل وأفكار كثيرة ومكائد متعددة تجعلك تسقط في الهلاك والهاوية وقتل الشعوب بتخديرها شيئاً فشيئا، فلا تتبعوا خطوات الشيطان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق