الأربعاء، 17 مارس 2021

أي اللقاحات أفضل للبحرين؟

سوق اللقاحات بدأ ينتشر ويزدهر بدرجةٍ غير مسبوقة في التاريخ البشري في كل أنحاء الأرض، وبالتحديد بالنسبة للقاح الخاص بمكافحة الفيروس المسبب لمرض كوفيد_19، ففي خلال أقل من عامٍ واحد على نزول هذا الوباء العقيم وهذا الكرب العظيم على سكان الأرض، تمكن العلماء من تصميم وإنتاج لقاحات تدَّعي حمايتها لصحة البشر ووقايتها الفاعلة ضد هذا الفيروس المرعب الذي هزَّ أركان المجتمع البشري برمته في كل أنحاء العالم، فلا أظن بأن التاريخ الصحي قد شهد هذا الكم الكبير من اللقاحات التي تسابق في إنتاجها كل الشركات المختصة المعروفة وغير المعروفة في دول العالم جمعاء لمواجهة مرضٍ واحدٍ فقط، وفي فترة زمنية قصيرة حطَّمت فيها الأرقام القياسية لموسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية لأقصر وأسرع فترة زمنية على الإطلاق لإنتاج لقاحٍ ضد أي مرض معدي.

 

وقد نُشرت العديد من التقارير والدراسات حول هذه اللقاحات من حيث أعداد وأنواع اللقاحات الموجودة حالياً في الأسواق، والتي بدأت دول العالم حالياً في التعجيل في تطعيم شعوبها للحالات الطارئة، إضافة إلى اللقاحات التي مازالت في طور الإنتاج والتجربة وفي مراحلها الأولى، أو في مراحلها التجريبية السريرية الأخيرة، أو اللقاحات التي تنتظر دورها في السماح لها من قبل الأجهزة الحكومية المختصة بإعطاء الترخيص اللازم ومنح وإجازة استخدامها على البشر في كل دولة.

 

وقد اختلفتْ هذه التقارير في أعداد كل هذه اللقاحات المستخدمة حالياً لتطعيم الناس والتي مازالت في القائمة التجريبية تنتظر النتائج العلمية الإكلينيكية، ولكن من خلال الاطلاع على البعض منها، وبخاصة التقرير المنشور في الأول من مارس من العام الجاري في مجلة "العلمي الأمريكي"(Scientific American)، أستطيع الإفادة بأن هناك عشرة لقاحات شرعت دول العالم في إعطائها لشعوبها فوراً، حيث تمت جميعها الموافقة عليها للاستخدام في الحالات الطارئة لوقف المد السريع والامتداد الجغرافي الواسع لتأثيرات هذا الفيروس العقيم، فيروس سارس_كوفيد_2(SARS-CoV-2 ).

 

وفي المقابل هناك قرابة 18 لقاحاً يخضعون لتجارب المرحلة الثالثة والأخيرة، والتي تتمثل في مرحلة تطعيم الآلاف من البشر، من أجل تأكيد الفحوصات النهائية لإثبات كفاءتها وفاعليتها، إضافة إلى التأكد من ناحيتي الأمن والسلامة عند الاستخدام الآدمي. كذلك هناك زهاء 30 لقاحاً يهرولون في المرحلة الثانية من سباق ماراثون إعداد اللقاحات، وبالتحديد مرحلة إعطاء اللقاح لأعداد محدودة من البشر من أجل جمع المعلومات الأساسية المتعلقة باختبار سلامة الجرعة وأمانها وفاعليتها على كبار السن. وأخيراً في قائمة لقاحات فيروس كورونا، هناك نحو 25 لقاحاً يحبون في متاهات المرحلة الأولى الخاصة بإجراء التجارب الأولية على مجموعة صغيرة لاختبار نواحي الأمن والسلامة، ومدى تجاوب جهاز المناعة لجرعة اللقاح، علماً بأن هذه المرحلة تأتي بعد نجاح التجارب الأولى على الحيوانات.

 

ولذلك في تقديري، واستناداً إلى التقارير المختصة باللقاحات، سيكون هناك خلال السنتين القادمتين أكثر من 83 لقاحاً متوافراً في أسواق اللقاح الخاص بمحاربة فيروس كورونا، والسؤال الذي يطرح نفسه مباشرة: أي هذه اللقاحات سنختار لتلقيح الشعب في البحرين في السنة القادمة، والسنوات الأخرى؟

 

للإجابة عن هذا السؤال، أضع أمامكم الاشتراطات والمعايير التي يتم من خلالها التفضيل بين لقاحٍ وآخر، وأُلخصها في النقاط التالية:

أولاً: فاعلية وكفاءة اللقاح في حماية الإنسان من مرض كورونا، أي نسبة نجاح اللقاح في منع انتشار المرض وخفض الأعراض الشديدة التي تظهر على المصاب.

ثانياً: فاعلية اللقاح وقدرته على حماية الإنسان ضد الطفرات والتحورات التي طرأت على الفيروس الأصلي، مثل التحول الذي حدث في لندن(B.1.1.7)، وفي جنوب أفريقيا(B.1.351)، وفي البرازيل (P.1)، وأخيراً في ولاية كاليفورنيا الأمريكية(B.1.427) ونيويورك(B.1.526)، حسب المنشور في مجلة الطبيعة في الرابع من مارس من العام الجاري، فكل هذه السلالات المتحورة من الفيروس قد تُضعف من فاعلية اللقاح في مواجهة فيروس كورونا.

ثالثاً: هل خضع اللقاح للطرق والوسائل المنهجية العلمية المعروفة والمعتمدة عند تصميم وتطوير وطرح اللقاح في الأسواق؟ فجميع اللقاحات التي سمحت الدول باستخدامها كانت تحت بند "الحالات الطارئة"، أي أنها لم تستكمل جميع المراحل الطبيعية المعتمدة في مجال تطوير اللقاح، ولم تستغرق الوقت الكافي لإعدادها وتجربتها واستخدامها. 

رابعاً: دراسة كافة الوثائق والتقارير والدراسات العلمية المنشورة في مجلات علمية مُحكَّمة حول كل نوع من هذه اللقاحات لمعرفة كافة الجوانب المتعلقة بها، إضافة إلى خبرات الدول وتجاربها مع هذه اللقاحات.

خامساً: سهولة تخزين، ونقل، وتوزيع كل نوع من أنواع اللقاحات الموجودة.

سادساً: عدد الجرعات المطلوبة لتطعيم الناس والفترة الزمنية بين كل جرعة، فهناك لقاحات تحتاج إلى جرعتين منفصلتين، وهناك لقاحات تُؤخذ مرة واحدة فقط.

سابعاً: تصميم اللقاح والتقنية المستخدمة في تطويره وإنتاجه.

ثامناً: الفئات العمرية التي يستخدم فيها اللقاح، فهناك لقاحات لا تصلح لكبار السن.

تاسعاً: الآثار الجانبية التي قد تنتج من أخذ اللقاح.

عاشراً: كُلفة اللقاح.

 

فهذه المتغيرات والاشتراطات التي تتحكم في اللقاحات، وهذا الكم الكبير من اللقاحات التي ستكون متوافرة في الأسواق، تجعلني أقترح على حكومتنا الموقرة تشكيل لجنة متخصصة، أو فريق عمل يهدف إلى دراسة كل هذه المتغيرات التي ذكرتُها بشيء من التفصيل والعمق وتقديم التوصيات للحكومة باختيار لقاح واحد، أو مجموعة من اللقاحات التي تكون الأفضل لنا.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق