الاثنين، 1 مارس 2021

مواصفات الكمامة الأكثر فاعلية

مازالت الأبحاث تُجرى لقياس فاعلية وكفاءة الكمامات التي تضعها على أنفك وفمك، وهذه الأبحاث لم تتوقف منذ سنوات طويلة لتقييم كل نوع من أنواع الكمامات التي تباع في الأسواق للتعرف على أكثرها قدرة في حمايتك من الأمراض المعدية، وأشدها كفاءة في وقايتك من شر الملوثات بجميع أنواعها وأحجامها، سواء أكانت ملوثات كيميائية كالجسيمات الدقيقة والدخان والغازات السامة، أو الملوثات الحيوية من فيروسات وبكتيريا وغيرهما، والتي من الممكن أن تدخل إلى جسمك عبر قنوات تمر من خلالها، وبالتحديد الأنف والفم.

 

فانشغال العلماء في مثل هذه القضايا المتعلقة بالكمامات عامة، والتي تُعتبر خط الدفاع الأول، والدرع الواقي ضد الملوثات الموجودة في الهواء الجوي، تؤكد بأن هذه القضية جِدُ خطيرة، ولا بد من التعرف عن كثب على كافة الملابسات التي تحيط بها، فتصل بنا إلى الاستنتاجات العلمية الموثقة المتعلقة بفاعلية هذه الكمامات في الحفاظ على أمننا الصحي، والاشتراطات والمواصفات التي يجب أن تتمتع بها هذه الكمامات لتحقق الهدف الرئيس من لبسها، ووضعها على الوجه.

 

وآخر هذه الدراسات حول فاعلية وكفاءة مختلف أنواع الكمامات أجرتها جامعة كيمبرج العريقة في بريطانيا، ونُشرت في مجلة أمريكية هي بلوس ون(PLoS ONE) في 22 يناير من العام الجاري. فقد قام الباحثون بدراسة ميدانية لعدة أنواع من الكمامات الموجودة في الأسواق، بهدف تقييم فاعليتها ونسبة ودرجة تصديها  لفيروس كورونا، وقُدرتها على منع غزو هذا الفيروس العقيم لأعضاء جسم الإنسان. وقد أكدت الدراسة بأنه حتى الكمامات المعروفة عالمياً، والمستعملة منذ سنوات طويلة مثل(N95, KN95 or FFP2)، إذا لم توضع بإحكام تام على الوجه، وبالطريقة العلمية الصحيحة فإن فاعليتها لا تزيد عن فاعلية الكمامات العادية المصنوعة من القماش. وقد خلصت الدراسة إلى أن وضع الكمامة الملائمة تماماً للوجه، من حيث إحكام تغطية الأنف والفم والذقن، وعدم ترك ثغرات وفتحات تسمح بمرور الهواء الخارجي، لا يقل أهمية، إن لم يكن أهم من نوعية وجودة القماش. فالملوثات الحيوية الفيروسية التي تكون على هيئة إيروسولات أو رذاذ، أو على هيئة قطرات وجسيمات دقيقة صغيرة الحجم لها القدرة على اقتحام الكمامة من خلال الفتحات العلوية، أو الجانبية، أو أية فتحة صغيرة قد تكون موجودة بين الكمامة وجلد الوجه.

 

وانطلاقاً من هذه الدراسة التجريبية، وأبحاث أخرى كثيرة، تبين بأن عملية وضع الكمامة على الوجه تحولت إلى مجالٍ علمي مستقل في حد ذاته، فلبس الكمامة له هدف ووظيفة ودور تقوم به هذه الكمامة، فهي ليست "ديكور للوجه" أو موضة عصرية عابرة، وليست أية قطعة من القماش بأشكال وألوان مختلفة يضعها الإنسان على وجهه وبأية طريقة يرغب في ارتدائها، وإنما أصبحت لها مواصفات واشتراطات علمية مدروسة محددة، سواء من ناحية تصميم الكمامة برمتها، أو من ناحية المادة التي تُصنَّع منها، أو من ناحية طريقة اللبس وحجم الكمامة.

 

ولذلك نجد اليوم بأن هيئات المواصفات والمقاييس الدولية والقومية قد ولجت في هذه القضية العلمية البحتة، ووضعت مواصفات واشتراطات مدروسة في المختبرات المتخصصة لهذه الكمامات. وعلاوة على ذلك، فإن الحاجة أصبحت ملحة جداً وضرورية هذه الأيام، وبخاصة بعد نزول وباء فيروس كورونا العصيب على المجتمع البشري جمعاء، لمثل هذه المواصفات الخاصة بالكمامات بسبب غزو الكمامات المغشوشة والمزورة للأسواق، حيث أعلنت وزارة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية في 17 فبراير من العام الجاري عن سحب أكثر من 11 مليون كمامة من الأسواق من نوع 3إم (3M) ومن نوع إن95(N95 ) المزيفة والمغشوشة.

 

 فعلى سبيل المثال، نَشرتْ منظمة المعايير الدولية(ASTM International)، والتي كانت تُعرف سابقاً بالجمعية الأمريكية للفحص والمواد في 18 فبراير من العام الجاري، مواصفات خاصة حول معايير جديدة لاختيار الكمامة الأكثر فاعلية، وأُطلق عليها "المعيار القومي للكمامة". وهذه المواصفة تمخضت عن الكثير من الدراسات المستفيضة التي أُجريت لتقييم وتحليل فاعلية وكفاءة كل كمامة من حيث عدة معايير خاصة منها التصميم العام للكمامة، ومدى الملاءمة للوجه، وحجم الكمامة، إضافة إلى المعيار المهم والخاص بالأداء والفاعلية ودرجة ترشيح الملوثات وحجزها.

 

والآن على الشركات المنتجة للكمامات الالتزام بهذه المواصفة للحصول على علامة الجودة، وشهادة إجتيار الفحوصات الخاصة من هذه المنظمة، ثم السماح لها بطرح منتجها من الكمامات في الأسواق. فعلى هذه الشركات اليوم تقديم ما يثبت إتباعها لهذه الاشتراطات الجديدة وإجراء التجارب الميدانية من قبل مختبرات مستقلة من حيث أولاً القدرة على التنفس والشعور بالارتياح وعدم الإحساس بضيق التنفس عند ارتداء الكمامة، وثانياً مدى كفاءة وفاعلية الكمامة ونسبة أدائها في حبس وحجز الملوثات والجسيمات الدقيقة من بكتيريا وفيروسات والعمل على ترشيحها ومنعها من دخول الأنف والفم.

 

وأما بالنسبة لهذا الكرب العظيم الذي يعاني منه كل إنسان يعيش على وجه الأرض، فالكمامة تُعتبر الجزء المهم للوقاية من المرض، وأداة رئيسة لمقاومته ومنع التعرض له، ولكن بالرغم من ذلك، علينا إتباع سياسة "الوقاية المتكاملة"، والتي تعتمد على تنفيذ عدة وسائل في الوقت نفسه، واتباع ممارسات يومية حياتية للوقاية الشخصية والجماعية من فيروس كورونا، وهي بالتحديد غسل اليدين بشكلٍ مستمر، والتباعد الاجتماعي وترك مسافة بينك وبين الآخرين، وتجنب الاجتماعات بشكلٍ عام، وبالتحديد عندما تكون في بيئات مغلقة ضعيفة التهوية، إضافة إلى الإسراع في أخذ اللقاح الخاص بفيروس كورونا.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق