السبت، 20 يوليو 2013

التلوث يقلل من عمرك أكثر من 5 سنوات



بحثٌ بيئي، ولكن نقلته كل وسائل الإعلام الجماهيرية الغربية منها والشرقية، وإن دَلَّ هذا الاهتمام الكبير من وسائل الإعلام على شيء فإنما يدل على ارتباط موضوع ونتائج البحث بحياة الشعوب اليومية، وعلاقته المباشرة بأهَمْ ما يملكون ويحافظون عليه وهو الأمن الصحي للناس، واستدامة حياتهم، وعطائهم، وإنتاجهم على الأرض.

هذه الدراسة أُجريت على البيئة والإنسان الصيني، وهي دراسة حالة عن الانعكاسات الصحية والبيئية السلبية على الإنسان في الصين بسبب تلوث الهواء، وبخاصة من ناحية خفض معدل توقعات حياة الإنسان على الأرض، ولكنها في الوقت نفسه تنطبق على كل مكان دون استثناء، فالملوثات والمركبات الخطرة والمسرطنة التي يتعرض لها الإنسان الصيني هي الملوثات نفسها التي نتعرض لها ونستنشقها في كل ثانيةٍ من حياتنا في البحرين، وفي عُمان، وفي السودان، ومدن أوروبا، ومدن الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك فالاستنتاجات التي تمخضت عنها الدراسة تعتبر عامة وصحيحة ويمكن تعميمها على كل دول العالم، فهي ليست خاصة لحالةٍ فريدة من نوعها وقعت في الصين فقط.

وقد غطت هذه الدراسة فترة زمنية طويلة استمرت نحو عشرين عاماً من عام 1981 إلى 2000، وشملت 90 مدينة صينية بعضها يقع في شمال الصين حيث المدن المعروفة بتلوثها الشديد، والبعض الآخر في الجنوب حيث لا تعاني هذه المدن من ارتفاع نسبة الملوثات في الهواء الجوي. وقام بإجراء الدراسة فريق دولي متكامل من العلماء المتخصصين من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ونشروا بحثهم في 9يوليو من العام الجاري في دورية علمية أمريكية معروفة هي مجلة وقائع الأكاديمية القومية للعلوم(Proceedings of the National Academy of Sciences) تحت عنوان: دليلٌ على تأثيرات التعرض المستمر لتلوث الهواء على توقعات الحياة للمواطن الصيني“.

فهذه الدراسة تعتبر الأولى من نوعها لأنها تُقدم تحليلاً كمياً رقمياً، وليس نوعياً سطحياً للتكاليف الصحية التي يتكبدها الناس ويدفعون صحتهم وعافيتهم ثمناً لتعرضهم لتلوث الهواء ومياه الشرب المسمومة. وقد ركزت الدراسة على عدة ملوثات نتعرض لها بشكلٍ يومي، وبالتحديد الجسيمات الدقيقة الكلية العالقة والتي تكون صغيرة جداً في الحجم بحيث إنها تستطيع أن تنتقل وتتحرك فتتوغل إلى أعماق الجهاز التنفسي إلى أن تتراكم أخيراً في الحويصلات الهوائية الموجودة في الرئتين فتعرقل عملية تبادل الهواء وتصيب الإنسان مع الوقت بتعطل عضلات القلب ومنع ضخ الدم إلى أجسام الجسم والتعرض للسكتة القلبية وانسداد الشرايين أو أمراض القلب الأخرى. وعلاوة على ذلك، فإن الجسيمات الدقيقة أو الدخان يمتص ويدخل في أجسامها المئات من الملوثات الخطرة والمسرطنة الموجودة في الهواء الجوي فتصيب الإنسان بالأمراض المزمنة وعلى رأسها السرطان.

ولذلك توصل هذا البحث إلى حقيقيةٍ علميةٍ وبيئيةٍ هامة وهي أن التعرض للملوثات في الهواء الجوي لفترات طويلة من الزمن يقضي على الإنسان في سنٍ مبكرة فيُخفض من عمره بقدر خمس سنوات وستة أشهر، أي بعبارةٍ أخرى أن الإنسان يفقد أكثر من خمس سنوات من حياته بسبب تلوث الهواء. كما أكدت الدراسة إلى أن كل زيادة مئة ميكروجرام إضافية من الدخان في الهواء يقلل المعدل المتوقع لعمر الإنسان بنحو 3 سنوات إضافية، أي أن هناك علاقة طردية بين درجة التلوث وفقدان العمر، فكلما زاد تركيز الملوثات في الهواء زاد معدل انخفاض عمر الإنسان.

وقد انعكست نتائج هذه الدراسة ودراسات أخرى مماثلة على القرار السياسي في الصين من ناحية وضع استراتيجية طويلة الأمد لخفض تداعيات التلوث على الصحة العامة وعمر الإنسان، حيثتعهد الرئيس الصيني لي كيجينج(Li Keqiang) في 13 يوليو في المضي قُدماً نحو عمليات الإصلاح وخفض نسبة النمو الاقتصادي إلى درجة معتدلة هي 7.5%، مما يعني عدم الإفراط في التنمية الاقتصادية على حساب صحة الإنسان وبيئته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق