الثلاثاء، 9 يوليو 2013

الحزام الأخضر الذي إنقطع


كتب ديفيد كاميرون(David Cameron) رئيس وزراء بريطانيا خطاباً إلى الهيئة الوطنية لاستخدامات الأراضي، يُطمئن فيه الهيئة بأن القوانين الجديدة ستوازن بين المتطلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية للتنمية، بحيث لا يطغى أحد هذه المتطلبات على الآخر ويعيش الجميع بسلام وأمان مع بعض دون تعدي من أيٍ منهما على حدود الآخر، وضَمَّن هذا الخطاب عبارة مهمة جداً يجب أن نقف عندها لنستفيد منها حيث قال بأن: الريف البريطاني الجميل يُعد كنزاً وطنياً“، ثم عَبَّرَ عن عزمه على حماية هذا الكنز الوطني الطبيعي من أجل الجميع في هذا الجيل والأجيال اللاحقة.

 

ففي هذا الخطاب تأكيد على قضية يجب أن نهتم بها في البحرين وهي رعاية وصيانة التراث الطبيعي الفطري البحريني بشقيه النباتي والحيواني وحماية التنوع الحيوي والبيئات التي تعيش فيها، فهذا التراث أصبح الآن مهدداً بالانقراض ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على المستوى الدولي إلى حدٍ سواء، فقد حَلَّت الكتل الخرسانية الصماء مكان الكتل الخضراء والغناء، وحَلَّت الأعمدة الحديدية والفولاذية الجوفاء مكان الأشجار والنخيل الباسقة في أعالي السماء، وحلت المدن بضوضائها وأصواتها العالية وأدخنتها القاتلة محل المناطق الريفية الهادئة التي تنزل عليها السكينة والطمأنينة والراحة النفسية والجسدية، حتى أصبحت هذه البيئات الريفية عملة نادرة صعبة لا يمكن الحصول عليها الآن.

 

فبعد هذا التدمير الممنهج للغابات والحدائق الطبيعية والبيئات الريفية لسنواتٍ طويلة من أجل تنمية اقتصادية أحادية الجانب وغير مستدامة ومن أجل ربح مالي زائل، بدأ الإنسان يراجع حساباته التنموية وينظر بعقلانية إلى السياسات التي وضعها في هذا المجال، فتحول من سياسة متطرفة جشعة إلى سياسة معتدلة متوازنة تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المتعلقة بالعملية التنموية والمصاحبة لها.

 

ولذلك بدأت العمليات التنموية تدخل فيها الجانب ”الروحي“ والجانب النفسي بدلاً من التركيز على الجانب ”المادي“ البحت الذي لا حياة فيه، وهذا الجانب الروحي تمثل في إدخال الحزام الأخضر وبناء الحدائق والمتنزهات والمحميات الطبيعية عند القيام بتصميم وتخطيط المدن، أو حتى بناء المجمعات السكنية والصناعية والمباني التجارية، فأصبح الآن لزاماً في الكثير من الدول تخصيص مناطق خضراء أو ما يُعرف بالحزام الأخضر في مدنها ومجمعاتها، ووضعها ضمن السياسة العامة لتخطيط المدن واستخدام الأراضي فيها.

 

ولكن ما أريد أن أؤكد عليه هو أن لا يكون تخصيص الأرض والموقع للحزام الأخضر أو للحدائق والمتنزهات فقط على ”الورق“، وإنما نريد أن يراه الناس واقعاً ملموساً على الأرض يتمتعون بها ويستريحون في ظلها.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق