الأحد، 7 يوليو 2013

ما حقيقة السجائر الإلكترونية؟



إنَّ الشيطان يَجري من الإنسان مَجْرَى الدَّم، هذا قولُ الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى وإنما هو وحي يوحى، وهذا القول ينطبق اليوم على شركات التبغ ومنتجي السجائر.

فبعد أن ضاقت على شركات السجائر الأرض بما رَحُبَتْ، وضاقت عليهم كل وسائل تسويق وبيع السجائر التقليدية المعروفة عن طريق التضييق التشريعي، أي من خلال سن قوانين صارمة تقنن بيع السجائر وتفرض وضع علامات تحذيرية على علبة السجائر تؤكد فيها أن التدخين يعرض المدخن للإصابة بالسرطان، قامت هذه الشركات بعقولها الشيطانية التي تفكر ليلاً ونهاراً في ابتداع طرق ووسائل جديدة للترويج والتسويق، أو الإبداع في تصنيع منتجات حديثة ظاهرها الرحمة وباطنها الفساد والدمار.

فهذه الشركات لا تيأس، ولا تفتر عزائمها، ولا تتزعزع همتها، ولا تحبط معنوياتها، فهي في يقظة دائمة وتفكير مستمر، فكلما أُغلق عليهم باب من الأبواب، فتحوا أبواباً أخرى بديلة أكثر دهاءً ومكراً، فالشيطان يجري في دمائهم، ويلهمهم بالأفكار الجديدة لكي تعوضهم أية خسائر مالية، أو خسائر من ناحية انخفاض أعداد المدخنين في أية دولة من دول العالم.

ففي السنوات الأخيرة بدأنا نسمع عن نوعٍ جديدٍ من السجائر أُطلق عليها بـ السجائر الإلكترونية“، وهذه السجائر تبدو سطحياً بأنها غير ضارة وتحمي صحة الإنسان من أخطار الملوثات التي تنبعث من السجائر التقليدية، وبخاصة للمدمنين على التدخين، ولكن باطنها العذاب وتعكير صحة الإنسان. فهذا المنتج الأخير لشركات التبغ والسجائر يسوق على إنه ”منتج سحري“ له مميزات إيجابية كثيرة للمدخن. فالميزة الأولى أنه منتج يساعد المدخنين المدمنين على التدخين على الإقلاع عن هذا الإدمان، أي أنه يُقدَّم للمدخنين على إنه البديل ”الصالح“ عن السجائر الضارة، والميزة الثانية فهي أن هذه الشركات تدعي وتزعم أن هذه السجائر الإلكترونية أقل تلويثاً للبيئة، وبخاصة الهواء الجوي، وأقل فتكاً وتدميراً لصحة المدخن.

ولكي أَتَحَقَقُ شخصياً من صدق هذه الادعاءات، لا بد لي من الاطلاع عن كثب على هذا المنتج والتعرف على كافة مكوناته ومحتوياته وطريقة عمله.

فهذه السجائر الإلكترونية من ناحية الشكل والمظهر الخارجي لا تختلف عن السجائر التقليدية، وإنما تختلف في مكوناتها الرئيسة، فهي تحتوي على عدة عناصر أساسية. أما العنصر الأول فهو الغطاء البلاستيكي الموجود في فم السيجارة، والذي يستخدمه المدخن لشفط الغازات أو الدخان المتصاعد، وأما العنصر الثاني فهو قلب السيجارة وأهم جزءٍ بالنسبة للمدخن، وهو المحلول الموجود على هيئة كابسولات تشبه كابسولات الأدوية الطبية. وهذه الكبسولة تحتوي على خليطٍ معقدٍ من المواد الكيميائية، على رأسها مُركب النيكوتين الموجود في التبغ المستخدم في السجائر، ومن المعروف أن النيكوتين هو المرُكب الذي يسبب الإدمان، كما إنه مركب سام كان يستخدم في الماضي كمبيد للحشرات. وعلاوة على ذلك، فإن هذا المحلول الكيميائي يحتوي على مركبٍ آخر عديم اللون وله طعم حلو هو بروبيلينجليكول، إضافة إلى الجليسرين النباتي، ومضافات ونكهات وألوان أخرى، كنكهة القهوة، أو الفواكه، أو النعناع، أو الفانيلا، أو الكولا، وهذه النكهات والمضافات تعتبر سرية لا يعلم عن هويتها أحد.

والمكون الثالث للسجائر الإلكترونية فهو جهاز صغير يعمل بالبطارية، ويهدف إلى تسخين المحلول الكيميائي وتحويله إلى غاز أو دخان من النيكوتين المركز والمواد الكيميائية الأخرى التي تنبعث من المضافات والنكهات، ولذلك فالمدخن يستنشق كل هذه الملوثات التي تنجم عن تسخين الكبسولة أو المحلول الكيميائي.

ومن هذا العرض السريع لمكونات السجائر الإلكترونية نستخلص أنه أقل ضرراً من السجائر التقليدية التي يحترق فيها التبغ والورق معاً فينتج عنهما أكثر من 4000 مادة كيميائية بعضها يسبب السرطان، وبالتالي فإن رأيي الشخصي هو إنها ”أخف الضررين وأهون الشرين“، ولا بد من اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع انتشارها.

أما دول العالم فقد اختلفت في مواقفها وسياساتها وتصنيفها للسجائر الإلكترونية، فالاتحادي الأوروبي يعتزم إصدار قانون يُصنف هذا النوع من السجائر ضمن المنتجات الطبية، أي تُعتبر كدواء يحتاج إلى وصفة طبية، كما يحتاج من أجل الموافقة على تسويقها وبيعها إتباع الإجراءات والخطوات المعمول بها في حالة تسويق أي دواءٍ جديد، أي إجراء تجارب كلينيكية ميدانية لعدة سنوات قبل الحصول على رخصة التسويق والبيع.

والآن نشهد على الساحة صراعاً مفتوحاً ومحتدماً بين الاتحاد الأوروبي والجهات التشريعية في دول العالم من جهة والشركات المنتجة والمصنعة للسجائر الإلكترونية من جهةٍ أخرى على قضية تصنيف هذا المنتج الجديد، فلمن ستكون الغلبة؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق