الأحد، 14 يونيو 2015

السعودية تتجه نحو الطاقة البديلة


قدَّم وزير النفط السعودي علي النعيمي في تصريحات له مؤشراتٍ واضحة تُؤكد على أن السعودية تَضَع أعينها من الآن على مصادر الطاقة البديلة المتجددة والنظيفة، وتعمل على تنويع مصادر الطاقة كخيار استراتيجي لا مَفَر منه، حيث أفاد بأنه يَسْتشرفُ مستقبلاً زاهراً وواعداً للطاقة الشمسية، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن للعالم في هذه المرحلة وعلى المدى القريب التخلي عن مصادر الوقود الأحفوري.

 

ففي المؤتمر الذي عُقد في 22 مايو من العام الجاري في باريس تحت عنوان: "التجارة والأعمال والمناخ"، ألقى وزير النفط السعودي كلمة تدور حول سياسة المملكة العربية السعودية في مجال الطاقة بشكلٍ عام، ودور المملكة في تنويع مصادر الطاقة، واستراتيجياتها في المساهمة في إيقاف مَدِّ التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث قال: "نحن في المملكة العربية السعودية نعترف بأننا في نهاية المطاف، وفي يوم من الأيام لن نحتاج إلى الوقود الأحفوري، ولا أدري متى سيكون هذا اليوم، 2040 أو 2050 أو بعد ذلك، ولذلك بَدأنا في برنامجٍ يهدف إلى تطوير الطاقة الشمسية"، وأضاف قائلاً بأن: "السعودية ستكون قوة دولية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح".

 

وفي الوقت نفسه، وفي سياق هذا الحديث أكد أنه ليس من الحكمة الاقتصادية والتنموية التوقف الآن عن استخدام الوقود المستخلص من النفط، حيث إن دول العالم واقتصاديات السوق والمصانع ومحطات توليد الكهرباء غير مستعدة وغير مؤهلة تقنياً وفنياً للبدائل غير النفطية المتاحة عملياً وواقعياً في الأسواق. فالمشكلة تكمن حالياً في اقتصاديات الوقود البديل، وفاعليتها، وقدرتها على سد حاجة الدول الصناعية وشهيتها المفتوحة والواسعة للنمو السريع والمتعاظم، وتعطشها إلى توفير الحياة السعيدة والكريمة لمجتمعاتهم وشعوبهم لتحقيق الأمن والازدهار اقتصادي، فمصادر الطاقة النظيفة غير الأحفورية غالية الثمن ومكلفة جداً في الوقت الراهن، ولا تتمكن من لعب دور الوقود الأحفوري في توفير الطاقة على المستوى الدولي الكبير والواسع، ولذلك نجد أن جميع دول العالم التي تستثمر بمبالغ ضخمة في الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وتضخ أموالاً طائلة لتطوير مصادر أخرى جديدة لم تنجح في توفير الطاقة لمواطنيها ومصانعها ومعاملها، فهي جميعها مازالت تعتمد بدرجة ٍكبيرة ومتفاوتة على مشتقات النفط، والغاز الطبيعي، والفحم.

 

ومن هذا المنطلق فقد أكد الوزير النعيمي على ضرورة تركيز دول العالم في المرحلة الحالية لمواجهة تحديات التغير المناخي على كيفية إدارة الانبعاثات الملوثة للهواء الجوي من المصانع ومحطات توليد الكهرباء التي تعمل بمشتقات النفط، أو الغاز الطبيعي، أو الفحم، والعمل على تطوير طرق إبداعية جديدة لخفض هذه الانبعاثات ومنع حدوث التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات والوسائل العملية من أجل رفع فاعلية حرق الوقود وعملية تشغيل المصانع ومحطات الطاقة وتوليد الكهرباء.

 

فهذه السياسة في مجال أمن الطاقة يجب أن تتحول من سياسة واستراتيجية سعودية إلى سياسة خليجية، يتبناها مجلس التعاون ويعمل من الآن على تنفيذها معاً لمواجهة كافة الانتقادات التي ستأتي من المنظمات والجمعيات الدولية وبعض الدول الغربية والشرقية. فمن المعروف أن دول الغرب، لحاجةٍ في نَفْسِ يعقوب، تحارب سياسة دول الخليج في اعتمادها على النفط والغاز الطبيعي، وتعمل على الضغط عليها بكافة الوسائل السياسية والأدوات الاقتصادية في كل محفل وفي كل مؤتمر وفي كل اجتماع دولي أو إقليمي، وتحاول إجبار دول الخليج، بِحُجة التغير المناخي، إلى التخلي عن البترول والغاز الطبيعي وإيداعهما وتخزينهما في باطن الأرض، ومنع دول الخليج من استخراجهما والاستفادة منهما.

 

ولكن الغريب في الأمر، أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية يعملون على مَنْعِنا من استخراج ما في باطن الأرض من خيراتٍ وثرواتٍ نفطية لأعمالنا التنموية وراحة شعوبنا، وهم في الوقت نفسه زاد إنتاجهم واستخدامهم للوقود الأحفوري كالفحم، كما ارتفع استخراجهم لما يعرف بالغاز، أو النفط الصخري، والذي يُطلقون عليه بغاز الشيل(shale gas) أو نفط الشيل باستخدام تقنية الفراكينج والحفر الأفقي، أو تكسير الطبقات الصخرية السفلية بخليطٍ من الماء والسوائل والمواد الأخرى.  

 

ولذلك أتمنى من دولنا عدم الثقة بالغرب الذي يتربص بنا دائماً ويسعى لتحقيق مصالحه على حسابنا، وأن نتوحد في رسم سياسةٍ واضحة، وصياغة استراتيجيةٍ مستدامة ترعى أولاً وأخيراً مصالح دول مجلس التعاون في مجال "أمن الطاقة".

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق