الاثنين، 8 يونيو 2015

نَهْدم منازلنا بأيدينا ثم نُرممها!


ماذا تقول عن إنسانٍ يُدمر منزله الجميل المتناسق والكامل من جميع جوانبه، والمعطاء منذ سنواتٍ طويلة، فيقوم هو بنفسه، وبيديه، وطواعية منه بهدم هذا المنزل المـُنتج، ثم إعادة بنائه بطرقٍ عشوائية وبتخبطٍ أعمى لا سابقة له؟

 

فهذا في الحقيقة هو الواقع المؤلم الذي نعاني منه الآن ومنذ قرونٍ مضت من حيث تعامل البشر مع بيئتهم ومواردها الطبيعية، وثرواتها الفطرية الهائلة التي سخرها الله سبحانه وتعالى لنا، وعاشت عليها الأجيال السابقة في سلامٍ وأمان، وتوافقٍ واعتدال.

 

فعلى سبيل المثال، لا الحصر، دَمَّر الإنسان البيئات الطبيعية البحرية والموائل الفطرية التي يعيش فيها الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، ويتكاثرون في ظلها، ويربون صغارهم تحتها، وعلى رأس هذه الموائل ومن أهمها وأكثرها إنتاجية وأشدها عطاءً وحيوية للإنسان هو الشعاب المرجانية، والتي يعتبرها علماء البحار رئة البحر وثروتها الحقيقية الحية لبني البشر.

 

فقد قام الإنسان لأسباب كثيرة، منها عمليات الحفر والدفان، بكسر ودفن هذه المنازل الحية التي يتغذى هو نفسه على أسماكها ويعيش عليها، ثم بعد هذا التدمير المـُتعمد الذي قام به، أخذ يفكر ملياً في كيفية إعادة الروح والحياة لهذا الجسم الذي أوشك أن يفارق الحياة، أو إنه بالفعل قد مات وتم دفنه، كما صرف المليارات وجنَّد كافة العقول العلمية للوصول إلى كيفية استبدال هذا الجسد الميت بآخر له المواصفات نفسها، ويقوم مقام هذه الشعاب المرجانية الطبيعية المثمرة، ويكون معطاءً كعطاء هذه البيئة الفريدة.

 

ومن بين المشاريع البائسة التي فكر فيها هي التخلص من المليارات المتجمعة من إطارات السيارات التي تتكدس يومياً في كل قرية، وفي كل مدينة، فقام كما حدث في سواحل ولاية فلوريدا الأمريكية في السبعينيات من القرن المنصرم، بوضع الملايين من هذه الإطارات القديمة في عمق البحر، وظن أنه وبهذه البساطة والسذاجة الشديدين سيكون قد خلق شعاباً مرجانية صناعية تُعوضه عن الشعاب الطبيعية التي خلقها الله بقدرٍ واتزانٍ وإبداع شديد، وجعل فيها من مختلف أنواع الكائنات الصغيرة والكبيرة النباتية والحيوانية ليعيشوا مع بعض في نظامٍ دقيقْ، مُتزن ومنتجٍ ومثمر.

 

وبالفعل بعد سنوات شاهد الناس هذه الملايين من الإطارات التي من المفروض أن تُكَوِّن شعاباً مرجانية وهي طافية فوق سطح البحر، مما أدى إلى تكليف فريقٍ من الغواصين لإزالة كل الإطارات سواء التي كانت فوق سطح البحر، أو حتى تلك التي كانت في عمق البحر، وهذه العملية كلفت الجهات المعنية خسائر اقتصادية عظيمة، تمثلت أولاً في وضع الإطارات في بداية المشاريع، ثم مرة ثانية في إزالة هذه الإطارات بعد وضعها.

 

فهل مثل هذه التصرفات يقوم بها عاقل وحكيم؟

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق