الاثنين، 20 يوليو 2015

الماريجوانا التي تُؤكل!



شاهدتُ مؤخراً في صحيفة أمريكية صورة جميلة لأنواع من الحلوى والشكولاتة والكعك، وقد قُدمتْ بألوان زاهيةٍ مختلفة، وأشكالٍ متعددة غريبة يسيل لها لعاب من ينظر إليها، واستطاعت هذه الصورة فوراً أن تلفت انتباهي، وتثير شهيتي للأكل والتلذذ بهذه الأنواع المغرية، وصَممتُ أن أعرف التفاصيل عن هذه الحلويات الزاهية لِعلي أجد منها في البحرين، ولكن عندما توقفت قليلاً لقراءة عنوان الصورة والمقال المكتوب عن هذه الحلوى، استغربت كثيراً، وفَتَرتْ شهيتي للأكل كلياً.

فقد جاء المقال تحت عنوان: "مُنتجات الماريجوانا(الحشيش) القابلة للأكل"، حيث يشير إلى إنتاج أكثر منمائةنوعٍ من حلوى الماريجوانا التي تباع في الأسواق، وهي مخصصة للمرضى الذي يعانون من الآلام المرضية المزمنة، فتُعطِي لهؤلاء المرضى نشوة عالية، وشعوراً يوازي الشعور الذي يحس به متعاطي المخدرات من راحة مؤقتة وخروج عن دائرة الدنيا وآلامها ومِـحَنها ومعاناتها. وهذه المنتجات التي تُؤكل لا تقتصر الآن على الحلويات، وإنما هناك الماريجوانا التي تُقدم في منتجات الخبر بأنواعها المختلفة، أو ما يُطلق عليه "خبز الماريجوانا". وفي المقابل هناك أيضاً مشروبات الماريجوانا من الشاي والقهوة والعصائر الطازجة، وتُقدم جميعها بنكهاتٍ مختلفة وبطعمٍ ومذاقات متعددة لا حصر لها تُرضي كل الأذواق والرغبات والأهواء، مثل النعناع، والشيكولاته، والعلكلة وغيرها.واليوم هناك مؤتمرات ومعارض رسمية تُنظم سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية للترويج لهذه المنتجات والتسويق لها على أكبر نطاقٍ ممكن، وآخرها مؤتمر شيكاجوالذي عُقد في مايو 2015تحت عنوان:"التجارة في الماريجوانا".


فهذا المقال يُثير انزعاجي وتخوفي في الوقت نفسه، ويؤكد لي انتشار ظاهرة تعاطي الماريجوانا في المجتمع الأمريكي كانتشار النار في الهشيم، سواء أكانت ما يُطلقون عليه "الماريجوانا الطبية"، أو "الماريجوانا الشخصية"، أي التي تُستخدم لأغراض الترويح والتسلية الشخصية، بحيث إنه حتى المواد الغذائية الطازجة التي تؤكل وتشرب ونراها في الأسواق والبرادات لا يمكن الوثوق بصحتها وسلامتها وخلوها من الملوثات والمركبات الضارة والقاتلة كالماريجوانا والحشيش والمخدرات الأخرى. 

وهذا التخوف له مبرراته التاريخية والعملية، فالرجوع قليلاً إلى الوراء وإلى ذاكرة التاريخ يؤكد لي واقعية تخوفي هذا، فظاهرة توسع استخدام الماريجوانا في المجتمع الأمريكي تُذكرني فعلاً بظاهرة توغل وغزو السجائر بكل أنواعها في كل منزل ومكتب وناد وملعب في جميع دول العالم دون استثناء خلال أقل من مائة عام، وما حدث للسجائر من تطورات دراماتيكية من جميع النواحي البيئية والصحية والقانونية منذ إنتاجه على المستوى التجاري الواسع قبل أكثر من قرن وحتى يومنا هذا، يحدث الآن بالضبط وبالسيناريو نفسه للحشيش أو الماريجوانا.

ولذلك بالقياس مع حدث للسجائر، وبقراءةٍ بسيطة لتاريخ علاقة الإنسان بسجائر التبغ والنيكوتين، أستطيع أن أجزم بأن الماريجوانا بعد سنوات ستدخل رسمياً إلى عقر دارنا، في بلدنا أولاً، ثم في أسواقنا، ومحلاتنا، وبيوتنا، وستكون في يد فلذات أكبادنا، وإن غداً لناظره قريب. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق