الاثنين، 8 فبراير 2016

طهران تُلغي مباريات كرة القدم!


اضطرت السلطات المعنية بتنظيم الدورات الرياضية، وبخاصة كرة القدم الانصياع لتحذيرات وزارة البيئة والصحة في طهران التي تدعو السكان إلى تجنب الخروج من منازلهم وعدم ممارسة الأنشطة خارج المنزل، فقام اتحاد كرة القدم استجابةً لهذه النداءات العاجلة والطارئة إلى إلغاء مباريات كرة القدم التي كانت ستقام في 27 ديسمبر من العام المنصرم ضمن الدوري الممتاز إلى أجلٍ غير مسمى.

 

وقد كان السبب في هذا التأجيل الحاسم للمباريات هو نزول ضيفٍ ثقيل على البلاد، وانكشاف سحبٍ صفراء بنية اللون في سماء طهران مشبعةٍ بالملوثات السامة والخطرة، بحيث أدت هذه الغيوم القاتلة إلى انعدام الرؤية في الشوارع، وإغلاق المدارس، وتوقف بعض المصانع عن العمل، وإعطاء إجازات إلزامية للسكان.

 

وهذا الضيف الثقيل على بيئة طهران لم ينزل مرة واحدة ودون سابق إنذار، وإنما يَـحِل بها بين الحين والآخر، فيفسد هواءها، ويُعكر صفو سمائها، ويَشل حركة العِباد ووسائل المواصلات، ويدخل الآلاف إلى المستشفيات وأقسام الطوارئ طلباً للعلاج والدواء، وينقل المئات إلى مثواهم الأخير، وقد تفاقمت هذه الظاهرة البيئية الصحية في طهران إلى درجةٍ لا تتحملها أجسام البشر ولا تستقيم لها حياة الكائنات الحية الأخرى، حتى أن الكثير من نواب الشعب دخلوا إلى مبنى مجلس النواب في 16 فبراير من العام المنصرم وهم يرتدون الكمامات والأقنعة التي توضع على الأنف والفم احتجاجاً على هذا الوضع البيئي والصحي المأساوي والمتأزم، وعدم قيام الحكومة باتخاذ خطوات جادة وحازمة لعلاج هذه الأزمة المستدامة.

 

وجدير بالذكر أننا كُنَّا نظن بأن هذه الظاهرة البيئية المـَرضِية مقتصرة على المدن الصناعية الغربية العريقة وأنها مشكلة وحالة فريدة من نوعها لا نراها إلا في سماء الدول الكبرى المشبعة بالمصانع ومحطات توليد الكهرباء وملايين السيارات ووسائل النقل الأخرى، وكنا نَعتبر أنفسنا وبيئتنا بمنأى عن هذه الحالة الغربية، ولكننا أصبحنا الآن نشاهد هذا الفيروس الغربي ينتقل إلينا يوماً بعد يوم، فيُعدي أجسامنا ومكونات بيئتنا، وينتشر في مُدننا رويداً رويدا  كانتشار النار في الهشيم. 

 

ولذلك نجد بأن هذه الظاهرة الخطرة والسحب المميتة باتت تَطْرق أبوابنا، فهي الآن قريبة منا جداً وقد تنزل علينا في أية لحظة وفي أي وقت، فنتعرض لانعكاساتها المدمرة لأعضاء بيئتنا وكائناتها الفطرية الحية وغير الحية، ونُصاب بما أصاب الشعوب الأخرى من أمراضٍ مزمنة، وعللٍ مستعصية على العلاج، والموت المبكر لشبابنا وفلذة أكبادنا.

 

فهل نحن مستعدون لمواجهتها؟ وماذا أَعددنا لها؟ وهل اتخذنا الإجراءات والاحتياطات اللازمة لنَمْنع عن أنفسنا وبيئتنا شر الوقوع في شباك هذا المرض المعدي والقاتل؟  

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق