الخميس، 25 فبراير 2016

بلاستيك في مُنتجات حلويات "مَارسْ"



أَجمعتْ وسائل الإعلام الغربية على نشر وتحليل هذا الخبر الصادر في 24 فبراير من العام الجاري لما له من انعكاسات في غاية الخطورة تُهدد أمننا البيئي والصحي، ولما له من مردودات شديدة الضرر على صحة فلذات أكبادنا، إضافة إلى ارتباط هذا الخبر بحياتنا اليومية وعاداتنا وسلوكياتنا الغذائية والصحية والبيئية. كما يأتي هذا الاهتمام غير العادي بالخبر في أنه لا يخص دولة واحدة فحسب، ولم تتضرر منه أعداد قليلة من الدول والبشر، وإنما هو متعلق بأكثر من 55 دولة في العالم وملايين البشر الذين يعيشون في كل هذه الدول في أوروبا وآسيا.

ويتلخص هذا الخبر في النشرة الإعلامية التي وضعتها شركة مارس(Mars) العائلية الأمريكية في صفحتها في الإنترنت واعترفتْ فيها بأنها "وَجَدتْ قطعة صغيرة جداً حمراء اللون من البلاستيك في أحد منتجاتها من الحلويات في ألمانيا، وبالتحديد سنيكرز، وقد يؤدي هذا في حالة أكله إلى الاختناق".

ونتيجة لهذا الاكتشاف المخيف فقد قامت الشركة فوراً بسحب نحو أربعة ملايين منتج من الحلوى من 55 دولة منها بريطانيا، فرنسا، هولندا، ألمانيا، بلجيكا، إيطاليا، إسبانيا، فيتنام، سيريلانكا، وهذه المنتجات شملت حلويات مارس، وميلكي واي(Milky Way)، وسنيكرز(Snickers)، وميني ميكس(Mini Mix). وقد أكدت الشركة أن هذا المنتج الفاسد تم تصنيعه في مطلع هذا العام في أحد مصانع الشركة في هولندا وهو مصنع فيجهل(Veghel factory)، علماً بأن التقارير الأولية أفادت بأن هذه الفضيحة قد تُكلف الشركة ما لا يقل عن ثلاثة ملايين دولار، إضافة إلى الخسائر الاجتماعية المتعلقة بسمعة الشركة ومصداقيتها أمام الرأي العام العالمي، وأمام المستهلكين والمحبين لهذه الأنواع من الحلوى.

وهذا الخبر بالنسبة لي يؤكد ويُثْبت ما كتبتُ عنه مراتٍ عديدة في الأشهر الماضية، فنبهتُ إلى خطورة هذه المخلفات البلاستيكية علينا، وحذرتُ من انتشارها في مكونات بيئتنا، وفي أعضاء أجسامنا، وفي الكائنات الحية في البر والبحر والجو، ومنها المقال المنشور في 11 ديسمبر من العام المنصرم تحت عنوان: "مخلفات بلاستيكية في أسماكنا"، واليوم هذا المقال يُكرر نفسه ولكنه اكتشاف جديد تحت عنوان آخر هو " مخلفات بلاستيكية في حلوياتنا".

ففي كل يوم نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام وفي المجلات العلمية المتخصصة عن تغلغل المخلفات البلاستيكية في كل شيء من حولنا، فلم يبق على ظهر الأرض بَيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا ودخلته المواد البلاستيكية ومنتجاتها التي لا تُعد ولا تحصى، سواء أكان هذا البيت في المدن الحضرية العريقة أو في الأرياف والقرى النائية البعيدة عن المجمعات السكنية الكبرى، فالبلاستيك موجود بين أيدينا، ونراه أمامنا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا ومن تحتنا، ولذلك فالمخلفات البلاستيكية الناجمة عنها تراها الأبصار في كل مكان، فجاءت نتيجة لهذه الظاهرة الحديثة والخطرة دراسات تؤكد وجودها في أماكن ومواقع لا يتصورها الإنسان ولا تخطر على بال البشر مثل أعماق البحار والمحيطات السحيقة والمظلمة، وعلى بعد عشرات الكيلومترات في تربة هذه المحيطات.

فقد صدر تحذير قوي من استفحال تراكم المخلفات البلاستيكية في بحارنا في المنتدى الاقتصادي العالمي(World Economic Forum) في 19 يناير من العام الجاري من عالمة كرَّست حياتها في متابعة مصير المخلفات البلاستيكية التي نلقيها يومياً بعد الانتهاء من استعمالها، حيث أكدتْ فيه أن البحار والمحيطات تحولت إلى مقبرة جماعية للمخلفات البلاستيكية، وأفادت أن معظم المخلفات التي نتخلص منها يومياً يكون مثواها الأخير في البحار، فإما أن تكون على السواحل القريبة، وإما أنها تسرح وتمرح ذهاباً وإياباً فوق سطح البحر، وإما أنها مع الوقت تغوص في أعماقه فتجثم في التربة القاعية، كما أفاد التقرير بأنه بحلول عام 2050 سنشاهد المخلفات البلاستيكية في البيئة البحرية أكثر من مشاهدتنا للثروة البحرية الحية من أسماك وغيرها من الكائنات الحية.

وكل هذه الوقائع حول البلاستيك تفرض علينا وعلى الشركات الصناعية الكبرى اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها إبعاد المخلفات البلاستيكية من الدخول في دورة حياتنا والتخلص منها قبل أن نغوص فيها فلا نستطيع الخروج منها.

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا دكتور لمجهودك وانا بصدد البدء في عمل بحث عن اضرار البلاستيك وارجو مساعدتى بالمراجع ان امكن

    ردحذف