الاثنين، 16 مايو 2016

حَسْم قضية السجائر الإلكترونية


منذ أن خَرجتْ علينا السجائر الإلكترونية في الأسواق قبل أكثر عشر سنوات، والنقاش يحتدم، والجدل يثور حول تصنيف هذا المنتج الجديد وكيفية التعامل معه، من حيث تسويقه، والإعلان عنه، وأماكن بيعه، والسن المسموح بتدخينه، واستمر هذا اللغَط حول هذه البدعة الشيطانية المهلكة والمفسدة حتى دخلت على الخط وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، ممثلة في إدارة الغذاء والدواء وحسمت جميع الملابسات والشبهات التي تدور حولها، واتخذت قراراً جريئاً بشأنها.

 

فقد قررت إدارة الغذاء والدواء التعامل مع السجائر الإلكترونية بالطريقة نفسها التي يتم فيها إدارة منتجات التبغ المختلفة كالسجائر التقليدية المعروفة منذ مئات السنين، والسِيجار، والمِدْواخ، فهذا القرار يعطي الصلاحية الكاملة لهذه الإدارة بتنظيم، وتقنين، وإعطاء الرخصة الرسمية لاستخدام هذا المنتج، كما يمهد لها الطريق ويسمح لها بتقييم وتحليل والتعرف على كافة محتويات السجائر الإلكترونية من نكهات، وألوان، وآلاف المواد والمضافات الأخرى التي لا يعلم أحد حتى الآن عن تفاصيل هويتها، وكمياتها، وتأثيراتها على المدخن وعلى من حوله من غير المدخنين على المدى القريب والبعيد.  

 

وقد اضطرت وزارة الصحة الأمريكية إلى سن هذا القانون الذي جاء في وثيقة مكونة من 499 صفحة بعد أن شاهدت في الميدان انتشار هذا الجيل الجديد من السجائر وهذه الآفة الحديثة في المجتمع الأمريكي، وبخاصة بين الشباب كانتشار النار في الهشيم، حيث ارتفع عدد شباب مدارس الثانوية المدخنين للسجائر الإلكترونية من 1.5% عام 2011 إلى 16% عام 2015، أي بزيادة تصل إلى 900%، فكان لا بد من هذه الوزارة التي هدفها حماية صحة المواطنين من التدخل سريعاً قبل فوات الأوان وقبل إدمان الناس عليها إلى وضع الحدود والضوابط المتعلقة بهذه السجائر والكشف عن هويتها وأسرارها الخفية.

 

فهذه السجائر تُسوق على أنها البديل الصحي عن السجائر التقليدية القاتلة، وأنها تعمل مع الوقت على عزوف المدخن عن التدخين كلياً، والحقائق العلمية التي انكشفت حديثاً تؤكد على أنها ضارة ومهلكة للإنسان ولكنها أقل ضرراً من سجائر التبغ بكل أنواعها وأشكالها، فقد أثبتت التجارب الميدانية أنها تحتوي على النيكوتين السائل وآلاف المضافات السرية، والنيكوتين معروف بأنه سام ويسبب الإدمان للإنسان، كما إن البخار الأبيض الذي يتصاعد عند تدخين السجائر الإلكترونية يحتوي على الكثير من الملوثات السامة والخطرة، من أهمها الفورمالدهيد الذي يسبب السرطان للإنسان. 

 

وخلاصة القول فإنني على يقين، حتى ولو لم يكن لدي الدليل العلمي الدامغ، أن شركات التبغ والسجائر بشكلٍ عام لن تَصنع مُنتجاً يفيد البشرية ويحمي صحة الإنسان، فثقافتها الأزلية قائمة على إتباع كافة الوسائل والطرق الشرعية وغير الشرعية لتحقيق الربح السريع وجني المال الوفير على حساب كل شيء، ولو كان هذا الشيء هو صحة الناس وسلامة وأمن البيئة.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق