الاثنين، 23 مايو 2016

هَدْر الطعام ظاهرة محلية أم عالمية؟


أساءنا جميعاً وتألمنا كثيراً من منظر العمال وهم يَرمُون بدمٍ بارد مئات الكيلوجرامات من الخضروات والفواكه الطازجة في سيارة جمع المخلفات، وكأنها نفايات تالفة لا قيمة لها وانتهت صلاحيتها فتُلقى إلى مثواها الأخير وتدفن في مقابر المخلفات.

 

ومثل هذا المشهد الذي قام به العمال ليس غريباً على الجميع، فنحن نراه أمامنا في مناسباتٍ كثيرة في بلادنا، سواء في الأفراح أم الأحزان، ويصل مثل هذا المشهد المحْزن ذروته في شهر رمضان إلى درجة أنني كتبتُ مقالاً قبل سنوات تحت عنوان: "رمضان شهر المخلفات".

 

ولكن هل هذا المشهد، أو "الظاهرة" المتمثلة في الإسراف في الطعام وهدر المواد الغذائية والتي تنعكس في نهاية المطاف على كمية المخلفات التي ينتجها الفرد أو المجتمع، تُعد ظاهرة محلية تنفرد بها البحرين، أم أنها مشكلة عالمية يمكن مشاهدتها في الكثير من دول العالم، وبخاصة الدول الصناعية الثرية والدول المتقدمة الغنية؟

 

لكي أجيب عن هذا السؤال اطلعتُ على الدراسات والأبحاث المتعلقة بهذه الظاهرة، وخرجت بالعديد من الحقائق حول هذه القضية البيئية الاجتماعية المتشابكة والمعقدة، وهي ما يلي:

أولاً: ظاهرة الإسراف في استهلاك المواد الغذائية وهدرها والتخلص منها بشكلٍ كبيرٍ ومشهود لها علاقة بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد والمجتمع، فبشكلٍ عام الدول الغنية أكثر هدراً للغذاء، وأشدها إنتاجاً لمخلفات الطعام، مما يعني بأن تصحيح سلوك أفراد المجتمع، ورفع الوعي الشعبي، وتغيير الاتجاهات يجب أن يكون من الأولويات على المستوى الحكومي للتقليل من حدة هذه الظاهرة. وسأُقدم مثالاً واحداً فقط لأُبين هذه الحقيقة، حيث قَدرت وكالة حماية البيئة الأمريكية أن المواطنين الأمريكيين، حسب إحصائية عام 2013 يُنتجون نحو 35 مليون طن من المخلفات الغذائية، ونحو 95% منها تنتقل إلى مقبرة المخلفات.

 

ثانياً: أَكدتْ منظمة الغذاء والزراعة(الفاو) التابعة للأمم المتحدة بأن قرابة ثلث الإنتاج العالمي من الغذاء لا يصل أصلاً إلى المستهلك وإلى موائد الطعام، أي يتم هَدْره والتخلص منه بعد إنتاجه مباشرة لأسباب متعددة منها سياسية ومنها اقتصادية، وهذا يعني أن نحو 1.3 بليون طن من المواد الغذائية يتحول إلى مخلفات ويصل أخيراً إلى مدافن المخلفات.

 

ولذلك فمن الواضح أن ظاهرة هدر وسوء إدارة المواد الغذائية تعتبر ظاهرة عالمية وليست محلية، ولكن درجاتها تتفاوت حسب المستوى الاقتصادي للشعب والدولة وحسب الوعي المجتمعي تجاه قضية المخلفات، ولكي نخفف من وطأة هذه الظاهرة، عَلَينا إتباع المنهج الإسلامي المتمثل في الوسطية والاعتدال في كل شأنٍ من شؤون الحياة، سواء في الأكل والشرب، أو استهلاك الماء والطعام، أو في العبادة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق