الاثنين، 3 يوليو 2017

سرطان في السجائر الإلكترونية


منذ أن دَخلتْ سجائر التبغ التقليدية المعروفة إلى الأسواق قبل أكثر من مائة عام، وأنا أَقرأ في كل يوم في المجلات العلمية عن اكتشافاتٍ جديدة حول أضرار التدخين على الإنسان والمجتمع برمته، والعلماء لا يُصيبهم الكلل أو الملل من المواصلة في سبر غور هذه الآفة الخطيرة والوباء المهدد لصحة البشرية وكَشفْ النقاب عن المزيد من هذه التداعيات البيئية والصحية يوماً بعد يوم.

 

وهذه الحالة بدأت تتكرر الآن مع البدعة القاتلة الجديدة والموضة الحديثة التي أدخلتها شركات التبغ إلى الأسواق كبديل غير ضار وآمِنْ لسجائر التبغ، والتي أُطلق عليها بالسجائر الإلكترونية، أو الشيشة الإلكترونية، أو غيرها من المسميات الشيطانية المضللة.

 

فشركات التبغ العملاقة تدَّعي بأن هذا النوع الجديد من السجائر يشجع المدخن لسجائر التبغ على العزوف رويداً رويداً عن التدخين بشكلٍ كلي، كما إنه في الوقت نفسه لا يسبب مشاكل صحية للمدخن.

 

ولكن الأبحاث الموثقة التي أَطلعُ عليها تؤكد لي كذب هذه الشركات بالنسبة لهذا المنتج الجديد، كما أنها كذبت على البشرية لسنواتٍ طويلة حول سجائر التبغ، واضطرت بعد أن أَجْمعت المنظمات الدولية المختصة والعلماء والأطباء على أضرارها إلى الاعتراف في المحاكم على كذبها وغشها للناس.

 

وآخر الدراسات المنشورة حول تهديدات السجائر الإلكترونية على الصحة العامة، ولن تكون حتماً الأخيرة، هي التي كشفت عن وجود مُلوثٍ سام ينبعث أثناء التدخين، ويُعرف عنه بأنه يصيب السرطان للإنسان، وبالتحديد سرطان الدم أو اللوكيميا، وهو مركب البنزين الذي ينبعث عند تدخين سجائر التبغ التقليدية، أو عند حرق البخور والعود في المنازل، أو أثناء حرق الوقود في السيارات.

 

فقد نُشر بحث ميداني في الثامن من مارس من العام الجاري في مجلة بلس ون(PLOS ONE) تحت عنوان: "تكوين البنزين في السجائر الإلكترونية"، وأكد فيه الباحثون بالتجارب المخبرية وتحليل وقياس الملوثات الموجودة في البخار المنبعث من هذه السجائر، أن البنزين المسرطن ينتج عند تسخين مخلوط النيكوتين السائل الموجود في السجائر الإلكترونية وبمستويات مرتفعة تتراوح بين 1.9 إلى 750 ميكروجراماً من البنزين في المتر المكعب من البخار، علماً بأن تركيز البنزين في الهواء الجوي في المدن الحضرية أقل بكثير من بخار السجائر الإلكترونية، حيث يصل إلى نحو 1 ميكروجرام من البنزين في المتر المكعب من الهواء الجوي.

 

وجدير بالذكر بأن هذا المركب المسرطن ليس هو الوحيد الذي يتعرض له المدخن للسجائر الإلكترونية، حيث أكدت الدراسات الكثيرة السابقة بأن هناك ملوثات مسرطنة أخرى تنبعث من تدخين هذا النوع من السجائر، منها الفورمالدهيد والأسيتلدهيد وغيرهما، إضافة إلى الاستنشاق المباشر للنيكوتين المعروف بسُميته العالية وأنه يسبب الإدمان.

 

ولذلك أتمنى من الجهات الصحية المختصة متابعة جميع التطورات والاكتشافات العلمية المتعلقة بالآثار الصحية والبيئية للسجائر الإلكترونية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من الآن لمنع دخول هذا الوباء الجديد في البحرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق