الأحد، 30 يوليو 2017

المثوى الأخير للبلاستيك الذي تَتَخلصُ منه


هل فكرتَ يوماً ما في مصير المخلفات البلاستيكية التي ترميها في البر أو البحر، وهل جاءك الفضول لتعرف أين تذهب مخلفاتك البلاستيكية وكيف تنتقل بعد أن تخلصت منها، وأين سيكون مثواها الأخير؟

 

الإجابة عن هذا السؤال ستجعلك مندهشاً حائراً ومستغرباً من وصول مخلفاتك إلى مناطق لا تخطر على بالك أبداً، وتقع خارج نطاق تفكيرك.

 

فهناك مجموعة كبيرة من الدراسات التي تَابعتْ وراقبت عن كثب حركة وتنقلات المخلفات البلاستيكية بعد أن نرميها في البحر، منها على سبيل المثال دراسة تابعت وراقبت عن قرب تحرك وانتقال زجاجة بلاستيكية رُميت في سواحل شنجهاي في الصين، حيث حملتها يوماً بعد يوم تيارات المحيط الهادئ الشمالي لآلاف الكيلومترات حتى حَطتْ رِحالها أخيراً بالقرب من السواحل الشرقية الأمريكية، ودراسة أخرى مشت خطوة بخطوة مع زجاجة ألقيت على سواحل مدينة كورنوال البريطانية إلى أن وصلت إلى محطتها النهائية في مقبرةٍ جماعية في غرب المحيط الأطلسي الشمالي، ودراسة ثالثة أكدت بأن المخلفات البلاستيكية التي تلقى في مدينة مومباي الهندية ستكون مثواها الأخير في مقبرة المحيط الهندي.

 

فهناك الآن في محيطات العالم وبحارها ست مقابر جماعية تتجمع وتتراكم فيها المخلفات منذ أن دخل البلاستيك إلى أسواقنا، من أشهرها وأكبرها المقبرة الجماعية الهائلة الموجودة في قلب المحيط الهادئ، ويُطلق عليها بقعة المخلفات العظيمة(Great Pacific Garbage Patch)، وهذه المخلفات ومنذ عقودٍ طويلة من الزمن تسرح وتمرح في هذه المقابر وتحوم حول نفسها وتدور في سجنٍ كبير مغلق الأبواب ولا يمكن الخروج منه، ودائرة هذا السجن تتسع ساعة بعد ساعة إلى درجة أن التقارير المنشورة من الأمم المتحدة تفيد بأن كمية البلاستيك في المحيطات والبحار ستكون في المستقبل القريب المنظور أعلى من كمية الأسماك!

 

وفي المقابل هناك المقبرة الجماعية التي بدأت تتكون مؤخراً في القطبين الشمالي والجنوبي، حيث أكدت دراسة نُشرت في 19 يونيو من العام الجاري في مجلة علوم البيئة الكلية(Science of the Total Environment) على انكشاف ظاهرةٍ خطيرة جداً تتمثل في أن كمية المخلفات البلاستيكية الصغيرة الحجم(الميكروبلاستيك) الموجودة في هذه المناطق النائية والمنعزلة والبعيدة عن أعين وأيدي البشر أعلى بخمسة أضعاف من مناطق الأنشطة البشرية، مما يؤكد لنا جميعاً أن المخلفات التي نرميها ولا نُلقي لها بالاً تصل إلى أكثر البيئات بُعداً عن توقعاتنا، فلا تؤثر علينا نحن فحسب وإنما ستؤثر على أحفادنا والأجيال المتلاحقة من بعدنا، ونكون قد ورثْناهم مخلفات هُم في غِنى عنها. 

                                                                                                              

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق