الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

ماذا سيحدُث عام 2040؟


ماذا سيحدث عام 2040؟

هل ستقوم الساعة أو يوم القيامة؟ طبعاً لا أحد يعلم بذلك اليوم، فهذا أَمْره إلى الله سبحانه وتعالى وهو من يعلم الغيب، فلا يعلم عن ذلك اليوم إلا هو جلَّت عظمته، وتعالت قدرته.

 

ولكن ما سيحدث في عام 2040 يُعد حَدَثاً بيئياً محورياً، ويمثل انقلاباً تاريخياً وثورة حقيقية في عالم السيارات، فما سيحدث هو تحويل نوعي وجوهري في التعامل مع نوعية الوقود الذي يُشغل السيارات، وبحلول عام 2040 ستقع تغييراتٍ جذرية محورية يشهدها عالم السيارات في القارة الأوروبية بشكلٍ خاص، وفي عام 2040 سيُعلن معظم مدن أوروبا،كمدينة لندن وباريس ومدريد وبرلين الحرب الفورية والمباشرة على وقود الديزل والجازولين وكل الأنواع الأخرى من الوقود الأحفوري المستخلص من البترول، فسيتم الحظر التام عليها جميعاً، من حيث منع بيعها واستخدامها في جميع أنواع السيارات، الصغيرة منها والكبيرة.

 

فرؤية القارة الأوروبية المستقبلية التي أُطلقت أمام وسائل الإعلام مؤخراً، واستشرافهم لمصير السيارات التي نستعملها اليوم، وبالتحديد في مجال نوعية الوقود الذي يشغل السيارات، تتمثل في حظر بيع واستخدام السيارات التي تعمل بالديزل والجازولين بحلول عام 2040، والتحول كلياً إلى السيارات الكهربائية كبديل صديق للبيئة.

 

وهذه الرؤية فرضها الواقع الذي يعيش فيه الإنسان في هذه المدن الأوروبية، وأحداث الموت الجماعي البطيء التي تشهدها سنوياً شعوب هذه الدولة هي التي اضطرت الحكومات على تبني هذا البرنامج الطموح الذي يسعى في نهاية المطاف إلى تحقيق أهدافٍ كثيرة ومآرب متعددة على رأسها حماية صحة الشعوب أولاً، ثم رعاية وصيانة الحياة الفطرية النباتية والحيوانية ومكونات البيئة غير الحية ثانياً.

 

فالإحصاءات والدراسات والتقارير التي أَطلعُ عليها يومياً مخيفة ومرعبة ولا تبشر بخير، فهي كلها تؤكد بأن تلوث الهواء بشكلٍ عام، وتلوث الهواء من السيارات بشكلٍ خاص يعد "القاتل الصامت" الذي يقتل بهدوء دُون أن يترك أي أثرٍ على الملايين من البشر من الأطفال والشباب والشيوخ الذي يقضي عليهم سنوياً.

 

فقد نشرت منظمة الصحة العالمية تقريراً في مايو من العام الجاري أفادت فيه بأن زهاء ثلاثة ملايين من بني آدم يقضون نحبهم في سنٍ مبكرة بسبب التعرض للملوثات السامة والمسرطنة التي يتشبع بها الهواء الجوي الخارجي، ففي الهند يموت 133.7 هندي لكل مائة ألف، وفي بريطانيا يموت 25.7 بريطاني لكل مائة ألف، وفي المكسيك 23.5، وفي فرنسا 17.2، وفي البرازيل 15.8، وفي إسبانيا 14.7، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 12.1، وفنلندا 6، والسويد 0.4.

 

كما أن التقارير الرسمية التي تصدر عن بريطانيا تشير إلى أن تلوث الهواء في بريطانيا يقضي سنوياً على 40 ألف نَفْسٍ بريئة لا حول لها ولا قوة لأنها مضطرة إلى استنشاق هذا الهواء الجوي المهلك للبشر والطير والحجر فلا خيار آخر لديهم، وفي العاصمة لندن وحدها يقدر عدد الموتى بنحو 9000 سنوياً.

 

فالدول الأوروبية لها تاريخ أسود مع تلوث الهواء الجوي، وعانت سنواتٍ طويلة منذ بدء الثورة الصناعية الأولى من الانعكاسات المهلكة الناجمة عن تلوث الهواء، ووقعت كوارث عصيبة أودت بحياة الآلاف من البشر وسقطوا ضحايا لتعرضهم لنوبات قاسية من تلوث الهواء، وعلى رأسها كارثة العيد الحزين التي نزلت على سكان لندن في ديسمبر 1952 عندما قضى أكثر من خمسة آلاف لندني نحبهم خلال أسبوع واحد فقط.

 

فتلوث الهواء يُعد أزمة خالدة تتجدد بين الحين والآخر، فكان لا بد من اتخاذ الاحتياطات الصارمة للحد منه، وتبني البرامج الفاعلة التي تواجه هذه الأزمة الطاحنة من جذورها، فجاءت فكرة التحول من السيارات الملوثة للهواء إلى السيارات الكهربائية التي لا تنبعث عنها أية ملوثات.

 

وعلينا أن نستفيد من تجارب هذه الدول فنعمل من الآن على التحول التدريجي من سيارات الجازولين والديزل الملوثة للبيئة والمهلكة للإنسان إلى سيارات الكهرباء الرفيقة بصحة الإنسان، قبل أن نسقط في الفخ الذي سقطت فيه أوروبا والدول الصناعية عامة.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق