الخميس، 7 سبتمبر 2017

غرامة قدرها 417 مليون دولار!



لا أشك بتاتاً بأن هناك إنساناً يعيش على وجه الأرض، أينما كان يعيش، في مُدن الغرب العريقة، أو في قرى أفريقيا الفقيرة، أو في دول آسيا الكبيرة، وسواء أكان طفلاً رضيعاً خرج لتوه من رحم أمه، أو شاباً ناشئاً يافعاً، أو شيخاً هرماً، إلا وقد استخدم أحد منتجات شركة جونسون و جونسون الكثيرة والمتنوعة، بل وترعرع ونشأ على استعمالها منذ أن دخل إلى الحياة الدنيا، ومن المهْد إلى اللحْد.

فالجميع استعمل هذه المنتجات من شامبو، ومساحيق، وصابون، وأدوات الزينة والتجميل وغيرها دون أن يسأل أحد مِنا، أو حتى أن يشك في مدى سلامة هذه المنتجات على صحة الإنسان، واليوم وبعد عقودٍ من استخدامها نُصعق صعقاً شديداً، ونُصاب بألمٍ عميق عندما انكشفت لدينا حقائق واقعية تؤكد بأن البعض من هذه المنتجات، وبالتحديد المساحيق البيضاء المعروفة بمسحوق تالك(Talc baby powder) يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وبخاصة سرطان المبيض عند النساء.

فمنذ أن بدأت الشكوك تحوم حول هذا المسحوق(البودر) بالتحديد، ومنذ أن بدأ العلماء يربطون بين استعماله لفترة طويلة من الزمن والسقوط في فخ السرطان، وبالتحديد العلاقة بين سرطان المبايض عند النساء واستعمال هذا البودر، فمنذ ذلك الوقت والدعاوى القضائية تُرفع ضد الشركة واحدة تلو الأخرى، حتى أن مُجمل هذه القضايا على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية بلغ قرابة 5500 قضية، وهذه القضايا تنتظر الآن دورها في المحاكم الأمريكية.

وآخر هذه القضايا التي تم الحكم فيها كانت في 21 أغسطس من العام الجاري، حيث اقتنعت هيئة المحلفين في محكمةٍ بمدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا بأن سرطان المبيض الذي أصاب امرأة كان بسبب استخدامها للبودر لأكثر من عشرين عاماً دون أن تعلم بمخاطره على صحتها ودون أن تقوم الشركة بوضع علامات تحذيرية تبين مخاطر البودر على صحة المستخدم، فألزمت المحكمة شركة جونسون و جونسون على دفع مبلغٍ مالي تاريخي قدره 417 مليون دولار لهذه المرأة العليلة التي توشك على مفارقة الحياة وتنام على فراش الموت.

فالتجارب والخبرات التي نشاهدها أمامنا كل يوم ونقرأ عنها كل ساعة أكدت لي بأن هذه الشركات العملاقة متعددة الجنسيات، سواء أكانت شركات التبغ، أو السيارات، أو منتجات التبرج والزينة، أو غيرها من الشركات الأخرى لا ترقُب فِينا إلا ولا ذمة، ولا يهمها سوى تحقيق الربح السريع والعظيم، ولا يهمها سوى السعي نحو الثراء الفاحش على حساب البشر والطير والحجر، فلا تثقوا فيهم مهما قالوا وادعوا. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق