الاثنين، 25 سبتمبر 2017

أنتَ تتعرض للتلوث وأحفادُك يُعانون!


هل تعلم بأنك توِّرث الملوثات التي تتعرض لها أثناء حياتك لأحفادك والأجيال المتلاحقة من بعدك؟

 

وبعبارة أخرى فإن الملوثات إذا دخلت إلى جسمك عن طريق الجلد، أو الأنف، أو الفم فإنها لا تؤثر عليك شخصياً فحسب، وإنما أضرارها وتداعياتها الصحية تنتقل إلى أولادك، ثم إلى أحفادك، وهكذا فهذه الملوثات تنتقل عبر الجيل الواحد وإلى الأجيال اللاحقة إلى ما شاء الله.

 

وهذه ليست نظرية يطرحها العلماء، أو فكرة يتحاور حولها الباحثون، وإنما أصبحت الآن حقيقة علمية تُدرس في الجامعات، وظاهرة واقعية يمكن مشاهدتها من خلال الحالات الموثقة التي نراها أمامنا ونقرأ عنها في المجلات العلمية.

 

فهناك ملوثات تنبعث من مصادر كثيرة، وهذه الملوثات من خصائصها أنها لا تتحلل إذا دخلت في بيئتنا، ولا تتأثر بالظروف المناخية وأحوال الطقس القاسية من حرارة عالية، وضوء شديد، ورياح قوية، فهي تقاوم كل هذه الظروف وتبقى ثابتة مستقرة لا تتغير، بل ولها صفات خبيثة في أنها تتراكم في مكونات البيئة، وإذا دخلت جسم الإنسان فإنها تتخذ من أعضاء الجسم سكناً لها، فيزداد تركيزها يوماً بعد يوم حتى تصل إلى التركيز الحرج، وعندها إما أن تُدخل هذا الإنسان إلى قسم الطوارىء وهو يعاني من أعراضٍ مرضية، وإما أن يسقط صريعاً فيقضي نحبه وينقل إلى مثواه الأخير. وعلاوة على هذا، فإن هذه الملوثات إذا وُجدت في جسم المرأة الحامل فإنها تتحرك عن طريق الحبل السري الذي يُغذي الجنين فيتسمم هذا الطفل البريء الذي لا ذنب له بسبب تلوث جسم أمه، فيُعاني من أمراض لا دور له كلياً في الإصابة بها. ومن هذا الطفل ينتقل هذا الملوث بعد حينٍ من الدهر إلى الآخرين الذين ربما لم يتعرضوا في حياتهم بشكلٍ مباشر لهذه الملوثات، وهكذا تستمر سلسلة انتقال الملوثات والسموم من جيلٍ إلى آخر دون أن يكون للإنسان أية سيطرة عليها، أو أن تكون لديه القدرة في التخلص منها والقضاء عليها.

 

ومن هذه الملوثات التي أثبت العلم انتقالها بين الجيل الواحد والأجيال المتعاقبة هي العناصر الثقيلة، وعلى رأسها الزئبق والرصاص والكادميوم والكروميوم، إضافة إلى الملوثات العضوية العطرية ومن بينها المبيد الحشري المشهور جداً والمعروف بالـ دِي دِي تِي. وفي المقابل هناك الملوثات المشعة التي تنبعث منها المواد المشعة الخطرة والمسرطنة لآلاف السنين قبل أن تفقد قدرتها على الإشعاع وقتل البشر.  

 

وهناك مثال حي يعيش بيننا الآن، وأُقدمه لكم لكي تقتنعوا بأن انتقال الملوثات بين الجيل الواحد وعبر الأجيال حقيقة وليس خيالاً علمياً. فكارثة ميناماتا التي نزلت على الشعب الياباني في الخمسينيات أفضل حالة واقعية، حيث تعرض الناس في تلك الأيام للزئبق، أي قبل أكثر من 70 عاماً، واليوم تعيش امرأة في اليابان وعمرها 66 عاماً وهي تعاني صحياً لتسممها بالزئبق الذي لم تتعرض له من أي مصدر كان، وإنما انتقل إليها عن طريق أمها وهي في رحمها مضغة صغيرة وعلقة بسيطة، فهي إذن تقاسي من إعاقات جسدية وتعاني من تشوهات خَلقَية بسبب تعرض أمها للزئبق، وهي بدورها ستورث أبناءها هذا التلوث. 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق